للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

﴿أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ﴾؛ أي: أبعدَ تأسيس آبائنا الشركَ المبطلِين، وجَعْلِهم إياه سنةً لنا تُهلكنا بما فعلوه؟!

وقيل: لمَّا خلق الله تعالى آدم أخرج من ظهره ذرِّيةً كالذَّرِّ، وأحياهم وجعل لهم العقل والنطق، وألهمهم ذلك، لخبرٍ رواه عمرُ (١).

والمقصود من إيرادِ هذا الكلام هنا إلزامُ اليهود مقتضَى (٢) الميثاق العامِّ بعدما ألزمهم بالميثاق المخصوص بهم، والاحتجاجُ عليهم بالحجج السَّمعية، ومنعُهم عن التقليد، وحملُهم على النظر والاستدلال كما قال:

(١٧٤) - ﴿وَكَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ وَلَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ﴾.

﴿وَكَذَلِكَ﴾ ومِثْلَ ذلك التفصيلِ البليغ ﴿نُفَصِّلُ الْآيَاتِ﴾ قطعًا لعذرهم ﴿وَلَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ﴾؛ أي: نَميز بعضَها عن بعضٍ ليتمكَّنوا (٣) من الاستدلال، ويرجعوا عن التقليد واتِّباع الباطل، والواو للعطف لمقدَّر نبَّهنا عليه.

* * *


(١) انظر: "تفسير البيضاوي" (٣/ ٤١) والكلام منه، و"تحفة الأبرار شرح مصابيح السنة" للبيضاوي أيضًا (١/ ١٠٥)، و"تفسير القرطبي" (٩/ ٣٧٦)، و"روح المعاني" (٩/ ٤٥٦). وقد ذكر هؤلاء عن عمر حديثًا في الآية رواه الإمام مالك في "الموطأ" (٢/ ٨٩٨ - ٨٩٩)، والإمام أحمد في "المسند" (٣١١)، وأبو داود (٤٧٠٣)، والترمذي (٣٠٧٥). وأعله ابن عبد البر في "التمهيد" (٦/ ٣) بجهالة الراوي عن عمر، ثم قال: لكن معنى هذا الحديث قد صح عن النبي من وجوه كثيرة ثابتة يطول ذكرها، من حديث عمر وغيره. اهـ. قلت: وثمة حديث آخر عن عمر في هذا المعنى أورده الآلوسي (٩/ ٤٦٧)، ورواه الحاكم في "المستدرك" (١٦٨٢)، والبيهقي في " الشعب " (٤٠٤٠)، وأعله بأبي هارون العبدي، وقال الذهبي في "تلخيص المستدرك": أبو هارون ساقط.
(٢) في (م): "لمقتضى".
(٣) في (م) و (ك): "ليمكنوا".