للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

﴿لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ﴾ فيه فيتَّعِظون به ويحذَرون مِثلَ عاقبته.

* * *

(١٧٧) - ﴿سَاءَ مَثَلًا الْقَوْمُ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَأَنْفُسَهُمْ كَانُوا يَظْلِمُونَ﴾.

﴿سَاءَ مَثَلًا الْقَوْمُ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا﴾ ﴿سَاءَ﴾ بمعنى: بئس، وأصلُها التعدِّي، تقول: ساءني الشيء يَسُوءني، ثم لمَّا استعملت استعمالَ (بئس)، بُنيت على (فَعُلَ) وجرت عليها أحكام (بئس).

و ﴿مَثَلًا﴾ تمييز للضمير المستكنِّ في ﴿سَاءَ﴾ فاعلًا، وهو مفسَّر بهذا التمييز، وهو من الضمائر التي يفسِّرها ما بعدَها، ولا بد أن يكون المخصوصُ بالذم من جنس التمييز، فاحتيج إلى تقديرِ مضافٍ (١): إما في التمييز، أي: ساء أصحابُ مَثَلِ القوم، وإما في المخصوص، أي: ساء مَثَلًا مَثَلُ القوم، وهذه الجملةُ تأكيدٌ للجملة السابقة.

﴿وَأَنْفُسَهُمْ كَانُوا يَظْلِمُونَ﴾ بعد قيام الحجة وعِلمهم بها، إمَّا معطوف على ﴿كَذَّبُوا﴾ فيكون في حيِّز الصلة، أي: الذي جمعوا بين التكذيب والظلم على أنفسهم، وإمَّا كلام منقطِعٌ عن الصلة اعتراضًا للبيان؛ أي: وما ظلموا بالتكذيب إلا أنفسَهم؛ لأن وباله لا يتعدَّى إلا إليها، ولهذا التخصيصِ قدِّم المفعول، وهذا الأخيرُ أحسن.

﴿مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِي وَمَنْ يُضْلِلْ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ﴾ لمَّا تقدَّم ذكر المهتدِين والضالِّين أَخبر تعالى أنه المتصرّف فيهم بما شاء من هدايةٍ وضلال، وفيه تصريحٌ بأن الاهتداء مخصوصٌ بمَن يهدي اللهُ تعالى، وتنزيلٌ (٢) للهداية التي


(١) "مضاف" من (م).
(٢) في (م): "وتنزيلًا".