للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

بالابتداء أو الخبر، أي: ذلكم العقاب، أو العقاب ذلكم، أو نصبٌ بفعل يفسِّرُه قولُه: ﴿فَذُوقُوهُ﴾ والفاء (١) عاطفة؛ أي: ذوقوا ذلكم فذوقوه، أو: باشروا، قيل: أو عليكم ذلكم، ولا وجهَ له لأن (عليكم) من أسماء الأفعال لا تُضْمَر.

وهذه الجملة تأكيدٌ وتقريرٌ لِمَا سَبَقَ؛ لأنَّ الأولى دالَّة على استحقاقِهم العذابَ العاجلَ مع العذابِ الآجلِ، ولمَّا كان عذاب الدُّنيا بالنِّسبة إلى عذاب الآخرة يسيرًا سُمِّيَ ما أصابهم فيه ذوقًا؛ لأنَّ الذَّوق يُعْرَفُ به الطَّعمُ (٢)، وهو يسيرٌ.

﴿وَأَنَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَابَ النَّارِ﴾ عطفٌ على ﴿ذَلِكُمْ﴾ رفعًا ونصبًا، ويجوز أن يكون مفعولًا معه على أنَّ الواو بمعنى (مع)؛ أي: ذوقوا هذا العذابَ العاجلَ مع العذابِ الآجلِ الذي لكم في الآخرة، ووُضع الظَّاهرُ فيه موضعَ المضمرِ للدَّلالة على أنَّ الكفرَ سببُ العذابِ الآجلِ، أو الجمع بينهما.

وقرئ: (وإنَّ) بالكسر (٣)، على الاستئناف.

ولَمَّا كانت النَّارُ إعدادُها للكفَّار على ما نطقَ به قوله تعالى: ﴿أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ﴾ [البقرة: ٢٤]، صَحَّ تقديمُ الجار والمجرور المفيدِ لاختصاصِ عذابها المُعَدِّ لهم.

* * *

(١٥) - ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفًا فَلَا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبَارَ﴾.

﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفًا﴾ حالٌ من ﴿الَّذِينَ كَفَرُوا﴾.


(١) في (م) و (ك): "الفاء".
(٢) في (م) و (ك): "بالطعم"، والمثبت من (ف) وهو الموافق لما في "البحر" (١١/ ٤٤).
(٣) نسبت للحسن. انظر: "المختصر في شواذ القراءات" (ص: ٤٩).