للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

والزَّحْفُ: الجيشُ الدَّهْمُ الذي يُرَى لكثرته كأنَّه يزحفُ؛ أي: يَدبُّ، مِنْ زَحفَ الصبيُّ: إذا دَبَّ على استِه قليلًا، سُمِّيَ بالمصدر.

﴿فَلَا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبَارَ﴾ كنايةٌ عن الفرار، ولا يلزمه الانهزام على ما أفصح عنه الاستثناء الآتي ذِكْرُه؛ أي: إذا لقيتموهم للقتال وهم كثير وأنتم قليل فلا تَفِرُّوا، فضلًا أن تُدانوهم في العَدَدِ والعُدَدِ، أو تساووهم (١).

* * *

(١٦) - ﴿وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلَّا مُتَحَرِّفًا لِقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزًا إِلَى فِئَةٍ فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ﴾.

﴿وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلَّا مُتَحَرِّفًا لِقِتَالٍ﴾: هو الكَرُّ بعدَ الفَرِّ لتغريرِ العدوِّ، وهو من باب خدعِ الحرب ومكائدها، يختلُ للعدوِّ أنَّه منهزِمٌ، ثم يعطِفُ عليه.

﴿أَوْ مُتَحَيِّزًا﴾: منحازًا ﴿إِلَى فِئَةٍ﴾: إلى (٢) جماعة أخرى من المسلمين على القُرْبِ منه؛ لِمَا روى ابنُ عمرَ : أنَّه خرجَتْ سريَّة وأنا فيهم، ففرُّوا (٣)، فلَمَّا رجعوا إلى المدينة استحيَوا فدخلوا البيوت، فقلْتُ: يا رسولَ اللهِ، نحنُ الفرَّارون. فقال: "بل أنتم العكَّارون، وأنا فئتُكم" (٤).


(١) في (م): "وتسَاووهم".
(٢) في (ك): "أي".
(٣) "ففروا" سقط من (ك).
(٤) رواه أبو داود (٢٦٤٧)، والترمذي (١٧١٦)، وقال: هذا حديث حسن لا نعرفه إلا من حديث يزيد بن أبي زياد، ومعنى قوله: "بل أنتم العكَّارون"، العكَّار: الذي يفر إلى إمامه لينصره ليس يريد الفرار من الزحف.