للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

والظاهر أن تكون اللام للعهد، والمعهودُ ما ذكر في قوله: ﴿أَوِ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ﴾.

ووضعُهم المكاء والتَّصدية موضعَ الصلاة: أنهم كانوا يطوفون بالبيت عُراةً الرجالُ والنساءُ وهم مُشبِّكون بين أصابعهم يَصفُرون فيها ويصفِّقون، وكانوا يفعلون نحو ذلك إذا قرأ رسول الله في صلاةٍ يخلِّطون عليه، وُيرون أنهم يصلُّون أيضاً.

﴿بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ﴾ أتى بصيغة المضارع، وزاد عليها عبارة ﴿كُنْتُمْ﴾ للدلالة على الاستمرار التَّجدُّدي، والمراد: ما كانوا يفعلونه عند البيت من المكاء والتَّصدية مكان الصلاة.

ولا يجوز أن يكون المرادُ من العذاب عذابَ الآخرة؛ لأن الفاء تأباه، وذلك لأن السببيَّة للعذاب مطلقاً قد استُفيدَتْ من الباء، والفاءُ إنما تفيد إذا كان ذلك العذاب السَّببَ بما ذكره (١) معجلاً.

* * *

(٣٦) - ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنْفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ﴾.

﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ﴾: عن دينه واتِّباع رسوله.

نزلت في المُطْعِمين يومَ بدرٍ، وكانوا اثني عشر رجلاً من قريش، يطعمُ كلُّ واحدٍ منهم كلَّ يوم عشرَ جُزر (٢).


(١) في (ك): "ذكر".
(٢) انظر: "السيرة النبوية" لابن هشام (١/ ٦٦٤ - ٦٦٦)، و"المغازي" للواقدي (١/ ١٤٤)، و"تفسير الثعلبي" (٣/ ١٤١).