للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

والآية مخصوصة بأهل الكتاب لاتِّصالها بقصتهم، وقيل: عامَّة نسخَتْها آيةُ السَّيف.

* * *

(٦٢) - ﴿وَإِنْ يُرِيدُوا أَنْ يَخْدَعُوكَ فَإِنَّ حَسْبَكَ اللَّهُ هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ﴾.

﴿وَإِنْ يُرِيدُوا أَنْ يَخْدَعُوكَ﴾ بالصُّلح ﴿فَإِنَّ حَسْبَكَ اللَّهُ﴾ ﴿حَسْبَكَ﴾ بمعنى: مُحْسِبُكَ وكافيْكَ، قال جريرٌ:

إِنِّي وَجَدْتُ مِنَ المَكَارِمْ حَسْبَكُم … أَنْ تَلْبسُوا حُرَّ الثِيَابِ وَتَشْبَعُوا (١)

﴿هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ﴾؛ أي: بجماعة المؤمنين واتفاقِ كلمتهم، على ما دلَّ عليه قوله:

﴿وَأَلَّفَ﴾؛ أي: أوقع التَّأليف ﴿بَيْنَ قُلُوبِهِمْ﴾ حتى صاروا كنفسٍ واحدةٍ بعد ما كان فيهم من العصبية والغضبية في أدنى شيء، والتَّهالكِ على الانتقام، بحيث لا يكاد يأتلف فيهم قلبان، كما بيَّنَه بقوله:

﴿لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ﴾؛ أي: تناهي عداوتهم إلى حدٍّ لو أنفق منفقٌ في إصلاح ذاتِ بينِهم ما في الأرض من الأموال لا يقدرُ على الألفة والإصلاح.

﴿وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ﴾ بقدرته البالغة؛ فإن المالك للقلوب يقلِّبها كيف يشاء.


(١) اختلف في نسبة البيت؛ ففي "الكتاب" لسيبويه (٣/ ١٥٣)، و"أدب الدنيا والدين" للماوردي (ص: ٢٣٩) نسب لعبد الرحمن بن حسان. وفي "الحماسة البصرية" (٢/ ٢٦٥)، و"شرح أبيات سيبويه" للسيرافي (٢/ ٢٦٨) نسب لسعيد بن عبد الرحمن بن حسان بن ثابت. وفي "تاريخ بغداد" (٩/ ٤٧٦)، و"تاريخ دمشق" (٢٩/ ١٨١) نسب لحسان بن ثابت . وفي "الكشاف" (٢/ ٢٣٣) لجرير.