للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

﴿وَاحْصُرُوهُمْ﴾؛ أي: واحبسوهم، ويجوز أن يكون المراد من الحصر المنعُ من التَّبسُّط في البلاد، ويدخل فيه دخولًا أوَّليًّا منعُهم من المسجد الحرام.

﴿وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ﴾؛ أي: مواضعَ الغِرَّة (١)، قال النَّابغة:

أعاذلُ إن الجهل مِنْ لَذَّةِ الْفَتَى … وَإِنَّ الْمَنَايَا لِلنُّفُوسِ بِمَرْصَدِ (٢)

وقيل: هي كلُّ ممرٍّ ومجازٍ، يرصدونهم كيلا يتبسَّطوا في البلاد، وعلى هذا يكون من قَبيل التأسيس، والتَّأكيدُ خير منه، وانتصابه على الظَّرف.

﴿فَإِنْ تَابُوا﴾؛ أي: من المعاصي، ويدخل فيها دخولًا أوليًّا الرُّجوع عن الكفر، فهي متضمنة للإيمان، ثم قرن به إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة؛ تنبيهًا على مكانهما من الشرع، ويجوز أن يكون من قَبيل الاكتفاء بذكر أمَّي العبادات البدنية والمالية عن جميع العبادات الواجبة.

﴿وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ﴾؛ أي: التزموا لتينك العبادتين البدنية والمالية، وذلك يتضمَّن التَّصديق بنبوَّة نبيِّنا محمَّد ، وهو المقصود الأصلي، فمضمون الكلام المذكور منطوق كلمَتي الشَّهادة.

﴿فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ﴾ تأمينٌ لهم؛ أي: فدعُوهم ولا تتعرَّضوا لهم بشيء من ذلك.

ولا دلالة فيه على أن تارك الصلاة ومانع الزكاة لا يُخلَّى سبيله؛ لمَا عرفْتَ أنَّ الشَّرط التزامها كما في قوله تعالى: ﴿حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ﴾ [التوبة: ٢٩].


(١) في (ف): "الغزاة"، والمثبت من (ك) و (م)، وهو الصواب. انظر: "المحرر الوجيز" (٣/ ٨)، و"تفسير القرطبي" (١٠/ ١١١).
(٢) انظر: "المحرر الوجيز" (٣/ ٨)، و"تفسير القرطبي" (١٠/ ١١١). ونسب في "الحماسة البصرية" (٢/ ٤٨) لعدي بن زيد العبادي.