للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

العقلِ، فبظاهر (١) البصرِ بدون العقلِ تُبصَرُ الأشياءُ، وبظاهر (٢) السمعِ بدون العقلِ لا تُعرَفُ الأشياءُ، والآيةُ كالتعليلِ للأمر بالتبرُّؤ والإعراضِ عنهُم.

* * *

(٤٤) - ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئًا وَلَكِنَّ النَّاسَ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ﴾.

﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئًا﴾: بإخلال شيءٍ من الأسبابِ: كمالِهم، ووسائِل اهتدائهم، كنقصِ حواسِّهم، وسلبِ عقولهِم وبصائرِهم، وإهمالهم سُدًى بلا تنبيهٍ ببعثة الرسل وإنزال الكتبِ.

﴿وَلَكِنَّ النَّاسَ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ﴾: بترك استعمالِ مشاعِرهم، وعدمِ التفكّرِ والتفهُّمِ بعقولِهم، والنظرِ والاعتبار ببصائرِهم، والذهولِ عن الوحيِ والإنذارِ بالانهماك في شهَواتهم.

أو: لا يظلِمُهم بالتعذيبِ بكبرِهم وعنادِهم يوم القيامةِ فإنه عدلٌ، ولكنَّ الناس أنفُسَهم يظلِمون باقترافِ أسبابِه واستيجابِه.

فعلَى هذا الوجه هو وعيدٌ لهم، وعلى الأولِ تنبيهٌ على أن كونهم بمنزلَةِ الصمِّ والعُمي مِن عدمِ استعمالهم لآياتِ الاهتداءِ فيما خُلِقت له، لا لأن أسبابَ الهداية مفقودةٌ، وعلى الوجهَين تذييلٌ لسابقِه.

* * *

(٤٥) - ﴿وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ كَأَنْ لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا سَاعَةً مِنَ النَّهَارِ يَتَعَارَفُونَ بَيْنَهُمْ قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِلِقَاءِ اللَّهِ وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ﴾.


(١) في (ف): "فنظائر".
(٢) في (ف): "ونظائر".