للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

والحُسن عائد إلى القصَص، يقال: فلان حَسَنُ الاقتصاص للحديث؛ أي: السِّيَاقة له، أو إلى القصة فإنها أتمُّ القِصص المذكورة في القرآن وأشملُها لأنواع العبر وأصنافِ الحِكَم.

ويجوز أن يكون المعنى: لعلكم تعقلون أنه منزلٌ من عند (١) الله تعالى، وذلك أن الدليل عليه إعجازه؛ لغاية بلاغته ونهاية فصاحته، وبلوغُه إليها لكونه على لسان العرب لأنَّه أفصح الألسنة وأبلغها، وعلى هذا يكون تمهيدًا لِمَا ذكر بقوله:

﴿بِمَا أَوْحَيْنَا﴾ أي: بإيحائنا ﴿إِلَيْكَ﴾ بواسطة جبريل ، وإنما أسقط الواسطة تشريفًا للموحَى والموحَى إليه.

﴿هَذَا﴾ يجوز أن يكون مفعولَ ﴿نَقُصُّ﴾ على أن ﴿أَحْسَنَ﴾ نصبٌ على المصدر، والإشارة المتضمِّنة للتقريب بذكر المقصود المذكور.

﴿الْقُرْآنَ﴾ نعتٌ لـ ﴿هَذَا﴾، أو بدل منه أو عطفُ بيان، وأجاز الزجَّاج الرفع على إضمار مبتدأ، كأن سائلًا سأل عما أُوحي فقيل: هو هذا القرآن (٢).

وأجاز الفرَّاء الخفض على التكرير (٣). وهو عند البصريين على البدل من (ما).

وعلى هذين التقديرين يجوز أن تكون (ما) موصولةً والعائدُ محذوف والباء بمعنى (في)، وعلى هذا يجوز أن يكون نصبُ ﴿هَذَا الْقُرْآنَ﴾ على الاختصاص أو بيانًا للمحذوف، والمراد بالقرآن: السورة.


(١) "عند" من (ك).
(٢) انظر: "معاني القرآن" للزجاج (٣/ ٨٨). وأجاز الزجاج أيضًا الجر على البدل من قوله: ﴿بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ﴾، فيكون المعنى: نحن نقص عليك أحسن القصص بهذا القرآن.
(٣) انظر: "معاني القرآن" للفراء (٢/ ٣٢). ويعني بالتكرير البدل كما سيأتي، وهو القول الذي ذكرناه عن الزجاج من كونه بدلًا من قوله: ﴿بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ﴾.