للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

﴿لِأَبِيهِ﴾ يعقوبَ : ﴿يَاأَبَتِ﴾ أصله: يا أبي، عوِّض تاءُ التأنيث عن الياء لتَناسُبهما في الزيادة، ولذلك قُلبت في الوقف هاءً (١)، وقرئ بالفتح (٢) لأنها حركةُ أصلِها (٣)، ولم تسكَّن كأصلها لأنها حرفٌ صحيح نزِّل منزلة الاسم فوجب تحريكها ككاف الخطاب، أو لأنَّه كان: يا أبتا، فحذفت الألف (٤) واكتُفي بالفتحة. وإنما جاز: يا أبتا، ولم يجُز: يا أبتي؛ لأنَّه جمعٌ بين العِوَض والمعوَّض عنه.

وقرئ بالضم (٥) إجراءً لها مجرى الأسماء المؤنَّثة بالتاء من غير اعتبارِ التعويض، كقولك: يا ثُبة (٦).

﴿إِنِّي رَأَيْتُ﴾ من الرؤيا لا من الرؤية، لا لأنَّه لو كانت في اليقظة لكانت آيةً عظيمةً ليعقوب ، ولَمَا (٧) خَفِيَت عليه وعلى الناس؛ لأنَّه يجوز أن يكون إرهاصًا ليوسف، والكرامةُ لا يلزمها أن يطَّلع عليها صاحبها، وأما اطِّلاع الناس عليه فإنما يَلزم أنْ لو كان سجودهنَّ مجتمعينَ في الأرض، ولا دلالة عليه فيما ذُكر= بل لأن قوله: ﴿لَا تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ﴾ وقولَه: ﴿هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ﴾ صريحان فيه.


(١) قلبها في الوقف هاء ابن كثير وابن عامر. انظر: "التيسير" (ص: ٦٠ و ١٢٧).
(٢) قراءة ابن عامر. انظر: "التيسير" (ص: ١٢٧).
(٣) أي: لأنّ أصلها - وهو الياء - إذا حرّك حرك بالفتح، وإن اختلف في أصلها: هل هو البناء على السكون لأنَّه الأصل في كل مبني، أو الفتح لأنَّه أصل ما كان على حرف واحد. انظر: "حاشية الشهاب" (٥/ ١٥٣).
(٤) "فحذفت الألف" من (م).
(٥) انظر: "الكشاف" (٢/ ٤٤٢).
(٦) في (ك) و (م): "يا أبة"، والمثبت من (ف) وهو الصواب. قال الطيبي في "فتوح الغيب" (٨/ ٢٤٧): الثُّبَة: الجماعة، وأصلها: ثُبْيٌ، والجمع: ثُبَات وثبونَ وأثابي.
(٧) في (ف) و (ك): "ربما"، والمثبت من (م) وهو الموافق لما في "الكشاف" (٢/ ٤٤٣).