للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

عدِّد من الفِطَر العجيبة كان على الإعادة أقدَر؛ إذ الإعادةُ أهونُ من الإبداء (١) وأيسر، فإنكارهم أعجوبةٌ من أعجب الأعاجيب.

﴿أَإِذَا كُنَّا تُرَابًا﴾ في محل الرفع بدلًا من ﴿قَوْلُهُمْ﴾، أو في محل النصب بالقول، و (إذا) نصب بما دل عليه قوله: ﴿أَإِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ﴾؛ أي: لفي صَدد ذلك بعد ما كنا ترابًا، وهذا أبلغ في الإنكار.

﴿أُولَئِكَ﴾ المنكرون ﴿الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ﴾: المتمادون في الكفر بربِّهم؛ لأنهم كفروا بقدرته على البعث.

﴿وَأُولَئِكَ الْأَغْلَالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ﴾؛ أي: المصرُّون الذين لا يمكنهم النظر والاستبصار ورفع الرُّؤوس إلى ما دُعوا إليه، وغلُّ الأعناق تمثيلٌ كقوله: ﴿إِنَّا جَعَلْنَا فِي أَعْنَاقِهِمْ أَغْلَالًا﴾ [يس: ٨]، ويجوز أن يكون وعيداً كما بعده.

﴿وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ﴾ في تكرير (أولئك) تعظيم لإنكارهم، وتأكيد في تقبيحه، وبيان لاستيجابهم العذابَ الأبديَّ لذلك؛ أي: إنهم إذا أنكروا ما ثبت بهذه الدلائل الدالة على قدرة المبدئ على الإعادة دلالتَها على الإبداء بل أقوى، فما أقبح إنكارَهم وأشد إصرارهم، وما أحقَّهم بالخلود في النار!

﴿هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ﴾: لا ينفكُّون عنها، وتوسيط الفصل لتخصيصِ الخلود بالكفار، فإن عبارته وإن كانت مخصوصةً بصنفٍ منهم، وهم المنكِرون للبعث لكنَّ دلالته تعمُّ سائر الأصناف.

* * *


(١) في (ف): "الابتداء".