للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

(٦) - ﴿وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ وَقَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمُ الْمَثُلَاتُ وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِلنَّاسِ عَلَى ظُلْمِهِمْ وَإِنَّ رَبَّكَ لَشَدِيدُ الْعِقَابِ﴾.

﴿وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ﴾: بالعقوبة قبل العافية، وذلك أنهم استعجَلوا ما (١) هدَّدهم به من عذابِ الدنيا استهزاءً وإنكارًا.

﴿وَقَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمُ الْمَثُلَاتُ﴾: عقوباتُ أمثالهم من المكذِّبين، فما لهم لم يعتبِروا بها ولم يحترِزوا حلولَ مثلِها بهم، والمثُلة بوزن السَّمُرة: العقوبةُ؛ لأنها مثلُ المعاقَبِ عليه.

وقرئ: (المَثَلات) على أنها جمع مُثلةٍ؛ كرُكْبةٍ ورَكَبات (٢)، وهي العقوبةُ المستأصِلةُ؛ كقَطْع الأنف والأُذُن ونحوهما.

﴿وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِلنَّاسِ﴾ اللامُ للعهد، والمعهود هم المستعجِلون المذكورون، والمراد من المغفرة: السَّتر والإمهال.

﴿عَلَى ظُلْمِهِمْ﴾ في محل النصب على الحال، والعامل فيه المغفرة؛ أي: ظالمين أنفسَهم أيَّ ظالمين، فإن ﴿عَلَى﴾ أبلغ من: مع.

﴿وَإِنَّ رَبَّكَ لَشَدِيدُ الْعِقَابِ﴾ للظالمين، فلا يُهْمل وإن كان يمهِل، فلا دلالة في الآية على جواز العفو قبل التوبة؛ لأن مبناها على حمل المغفرة على التوبة، وهو غير مسلَّم عند المخالف.

* * *


(١) في (م) و (ك): "بما".
(٢) انظر: "الكشاف" (٢/ ٥١٤).