للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وحيث جاءت في خطاب المؤمنين مشفوعة بالطَّاعة والتَّجنب عن المعاصي ونحو ذلك، فتناوُلُ الخروج عن المظالم منظور فيه؛ لأنَّ تمام التقريب به على تقدير أن يكون معنى قوله: (مرتبة على الإيمان): مرتَّبةً عليه وحده، وحينئذ يتَّجه النَّقض بقوله تعالى: ﴿قَالَ يَاقَوْمِ إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ (٢) أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاتَّقُوهُ وَأَطِيعُونِ (٣) يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ﴾ [نوح: ٢ - ٤].

ثمَّ إنَّ منشأَه ومنشأَ ما قدَّمه في دعوى الاطِّراد في زيادة (من) في خطاب الكفرة: الغفولُ (١) عن قوله تعالى: ﴿قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ﴾ [الأنفال: ٣٨].

ومَن قال في تفسير سورة الأنفال: إن الحربي إذا أسلم لم يبقَ عليه تَبعةٌ قطُّ، ثمَّ جوَّز هاهنا أن يكون (٢) التَّبعيض لإخراج المظالم عن حيِّز الإرادة، فقد غفل عمَّا قدَّمه.

﴿وَيُؤَخِّرْكُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى﴾ قد سمَّاه الله تعالى وبيَّنَ مقداره، وقضى أن يبلِّغكم إليه إن آمنتم، وإلَّا عاجلكم بالإهلاك قبل ذلك الوقت.

﴿قَالُوا إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنَا﴾ لا فضلَ لكم علينا، فَلِمَ تُخَصُّون بالنُّبوَّة دوننا، ولو شاء الله تعالى أن يبعث إلى (٣) البشر لبعثَ من جنسٍ أفضل.

﴿تُرِيدُونَ أَنْ تَصُدُّونَا عَمَّا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُنَا﴾ بهذه الدَّعوى.


(١) في هامش (ف): "إتيانه هذا الفول بصيغة التمريض يدل على أنه لا يرتضيه، فليس ذلك للغفول".
(٢) في (م): "أن يكون هاهنا".
(٣) "إلى" سقط من (ت).