للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

على مشيئته، فإنَّ (١) القدرةَ على خلق الأصول وما يتوقَّف عليه خلقُهم، ثم تغيير (٢) الطبائع وتكوينهم منها وتصويرهم، دليل قاطعٌ على أنَّ إعدامهم وإنشاءَ خلق آخر غيرُ ممتنعٍ عليه، ولذلك عقَّبه بقوله:

(٢٠) - ﴿وَمَا ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ بِعَزِيزٍ﴾.

﴿وَمَا ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ بِعَزِيزٍ﴾: بمتعذِّر أو متعسِّر، بل هو هيِّن عليه يسير؛ لأنّه قادر لذاته، لا اختصاص له بمقدور دون مقدور، ومَن هذا شأنه كان حقيقًا بأن يُتَّقَى ويُخاف ويُرْجَى ولا يُعْبَد إلَّا هو وحدَه.

* * *

(٢١) - ﴿وَبَرَزُوا لِلَّهِ جَمِيعًا فَقَالَ الضُّعَفَاءُ لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعًا فَهَلْ أَنْتُمْ مُغْنُونَ عَنَّا مِنْ عَذَابِ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ قَالُوا لَوْ هَدَانَا اللَّهُ لَهَدَيْنَاكُمْ سَوَاءٌ عَلَيْنَا أَجَزِعْنَا أَمْ صَبَرْنَا مَا لَنَا مِنْ مَحِيصٍ﴾.

﴿وَبَرَزُوا لِلَّهِ جَمِيعًا﴾؛ أي: يَبرزون له تعالى يوم القيامة من قبورهم لحساب الله تعالى وحُكمه، أو: يظهرون لله تعالى بأعمالهم وما كسبوا على خلاف ما حَسِبوا؛ لأنهم كانوا يستترون من العيون عند ارتكاب الفواحش ظنًّا منهم أن ذلك خافٍ على الله تعالى، فإذا كان يوم القيامة انكشف غطاؤهم، وعلموا أن لا يخفى على الله تعالى منهم شيء في الأرض ولا في السماء، ولا يتوارى عنه متوارٍ حتى ذرَّات الهباء، فذلك بروزهم عند أنفسهم بعد ما اعتقدوا خلافه، كقوله: ﴿فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ﴾ [ق: ٢٢]، لا أنهم كانوا خافِين عليه فبرزوا في ذلك اليوم؛ إذ لا يخفى عليه


(١) في (م): "وأن".
(٢) في (ف) و (م): "تفسير".