للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الإفصاحِ (١) عن الصِّفة التي عليها المستوقِدُ بما هو أبلغُ في الدَّلالة على المعنى من اللَّفظ وهو العقلُ، كانه قال: فلمَّا أضاءت ما حوله خمدتْ فبَقُوا خابطينَ (٢) في ظلام، متحَسِّرينَ على فوات الضَّوء، خائبينَ بعدَ الكدحِ في إحياء النَّارِ. وما ذُكِر استئنافٌ؛ أي: جوابٌ للسؤال عن وجه الشَّبهِ لعدم ظهورهِ، أو بيانٌ لجملة المثَل (٣).

وإسنادُ الإذهابِ إلى الله تعالى لقصْد (٤) المبالَغةِ، ولذلكَ عُدِّي الفعلُ بالباء دونَ الهمزةِ؛ لِما فيها من معنى الاستِصْحابِ والاستمساكِ، يقال: ذهبَ السُّلطانُ بماله، إذا أخذَهُ، وما أخذَه اللهُ تعالى وما أمسكَه فلا مرسلَ لهُ.

وعدَلَ عن الضَّوء الذي هو مقتضَى الظَّاهرِ إلى النُّور، فإنَّه لو قيلَ: ذهبَ اللهُ بضوئهم، احْتَمَلَ أنْ يكونَ الذَّاهبُ ما في الضَّوء مِن الزِّيادة، والغرضُ إزالةُ النُّورِ عنهم رأسًا، ألا ترى كيفَ قرَّر ذلك وأكَّد بقوله:

﴿وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لَا يُبْصِرُونَ﴾ فذَكرَ الظُّلمةَ التي هي عدمُ النُّورِ والطُّمأنينةِ بالكلِّيّة، وجمَعَها ونكَّرها، ووصَفَها بالخلوص.

و (ترَكَ) بمعنى: طرَح وخلَّى، و (في ظلمات) متعلِّقٌ به، و (لا يُبصرونَ) في موضعِ الحالِ. أو (في ظلمات) في موضع الحال فيتعلَّق بمحذوفٍ، و (لا يبصرونَ) حالٌ أيضًا: إمَّا من الضمير في (تركَهم)، وإمَّا مِن الضمير المستكنِّ في المجرور.


(١) في "ح" و"ف" و"ك" و"م": (الإيضاح)، والمثبت من "د".
(٢) في "ف "و"م": (خائضين).
(٣) في "ف": (لجملة المستوقد).
(٤) في "ك": (بقصد).