للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

﴿كَانَ مِنَ الْجِنِّ﴾ استئنافٌ للتعليل، كأنَّه قيل: ما له لم يسجد؟ فقيل: كان من الجنِّ.

﴿فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ﴾: فخرج عن أمره تعالى بترك السُّجود، والفاءُ للتَّسبيب.

ومَن قال: هذا الكلامُ المعترِضُ تعمُّد من الله تعالى لصيانة الملائكة عن وقوع شبهة في عصمتهم (١). فقد سها حيث أساءَ في عبارة التَّعمُّد.

﴿أَفَتَتَّخِذُونَهُ﴾ الهمزة للإنكار والتَّعجُّب (٢)، والفاء للعطف على مقدَّرٍ تقديره: أتعلمون (٣) أنه عدوُّ الله تعالى وعدوُّ أبيكم فتتخذونه ﴿وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِي﴾: تستبدلونهم بي.

قال الشَّعبيُّ: سألني رجل فقال: هل لإبليس زوجة؟ فقلْتُ: إنَّ ذلك عرسٌ لم أشهده، ثمَّ ذكرْتُ قولَه: ﴿أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ﴾، فعلمْتُ أنَّه لا يكون ذريَّةٌ إلَّا من زوجة، فقلْتُ: نعم (٤).

﴿وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ﴾ ولم يقل: أعداءٌ، في مقابَلة ﴿أَوْلِيَاءَ﴾؛ إنباءً عن اتِّحادهم في أمر العداوة، وشدَّة اتفاقهم على ذلك.

﴿بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلًا﴾ من الله تعالى إبليسُ وذريَّتُه.

* * *


(١) القائل هو الزمخشري في "الكشاف" (٢/ ٧٢٧). ووقع في النسخ: "بصيانة الملائكة".
(٢) لو قال: "للتعجيب" لكان أولى. انظر: "الكشاف" (٢/ ٧٢٧)، و"روح المعاني" (١٥/ ٣٨١).
(٣) "أتعلمون" زيادة: في (م).
(٤) روى نحوه ابن الجوزي في "أخبار الظراف" (٥٤).