للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

(٥١) - ﴿مَا أَشْهَدْتُهُمْ خَلْقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَا خَلْقَ أَنْفُسِهِمْ وَمَا كُنْتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُدًا﴾.

﴿مَا أَشْهَدْتُهُمْ﴾ وقرئ: (ما أشهدناهم) (١).

﴿خَلْقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَا خَلْقَ أَنْفُسِهِمْ﴾؛ أي: [و] لا أشهدْتُ (٢) بعضهم خلقَ بعضٍ، كقوله: ﴿وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ﴾ [النساء: ٢٩]، ففي إحضار إبليس وذريَّتِه خلقَ السَّماوات والأرض وإحضارِ بعضهم خلقَ بعضٍ توطئةٌ لنفي الاعتضاد، والذي (٣) ذكره بقوله:

﴿وَمَا كُنْتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ﴾؛ يعني: ما كنْتُ متَّخذُهم ﴿عَضُدًا﴾؛ أي: أعواناً.

فوُضع ﴿الْمُضِلِّينَ﴾ موضعَ الضَّمير ذمًّا لهم بالإضلال واستبعاداً للاعتضاد (٤) بهم، فإذا لم يكونوا عضداً لي في الخلق، فما لكم تتخذونهم شركاءَ لي في العبادة؟!

وقيل: الضَّمير للمشركين، والمعنى: ما أشهدتُهم خلقَ ذلك؛ أي: لم أستعنْ بهم وبرأيهم، وما أوقفتُهم على أسرار ملكي، فلا فضيلة (٥) لهم دون غيرهم، حتى لو آمنوا تبعهم النَّاس كما يزعمون، فلا تلتفت إلى قولهم طمعاً في نصرتهم للدِّين؛ فإنَّه لا ينبغي لي أن اعتضد بالمضلِّين لديني.


(١) نسبت ليزيد بن القعقاع وعون العقيلي والسجستاني. انظر: "المختصر في شواذ القراءات" (ص: ٧٩).
(٢) ما بين معكوفتين من "الكشاف" (٢/ ٧٢٨)، وكلمة "لا" من (ك) و (م).
(٣) في (ك): "الذي".
(٤) في النسخ: "الاعتضاد"، والمثبت من "تفسير البيضاوي" (٣/ ٢٧٤).
(٥) "فلا فضيلة" من (م).