للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ولا وجهَ لما قيل: نسيَ موسى أن يطلبه ويتعرَّفَ حالَه، ويوشعُ أن يذكر له ما رأى من حياته ووقوعه في البحر؛ لأنَّ هذا النِّسيان منه قبل ذلك، على ما دلَّ عليه قوله:

﴿فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ﴾ الفاء فصيحة تُفصح عن مقدَّرٍ يدلُّ على حياة الحوت وسقوطه في البحر، على ما نقل فيما سبق.

﴿سَرَبًا﴾؛ أي: جَعَل سبيله في البحر كالسَّرب، وهو الثُّقب الذي يُدخل فيه فيُسلك منه إلى موضع، وفي الحديث المارِّ ذكره: "وأمسكَ اللهُ عن الحوت جِرْيَةَ الماءِ، فصار عليه مثل الطاق" (١).

وأمَّا السَّارب في قوله تعالى: ﴿وَسَارِبٌ بِالنَّهَارِ﴾ فبمعزَلٍ عن هذا؛ لأنَّه بمعنى الظَّاهر، صرَّح به الجوهري (٢)، ودلَّ عليه بقوله: ﴿مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ﴾ [الرعد: ١٠] مقابَلته.

ونصبُه على المفعول الثَّاني، و ﴿فِي الْبَحْرِ﴾ حالٌ منه، أو من السَّبيل، ويجوز تعلقه بـ (اتخذ).

* * *

(٦٢) - ﴿فَلَمَّا جَاوَزَا قَالَ لِفَتَاهُ آتِنَا غَدَاءَنَا لَقَدْ لَقِينَا مِنْ سَفَرِنَا هَذَا نَصَبًا﴾.

﴿فَلَمَّا جَاوَزَا﴾ مجمع البحرين، وفي الحديث المذكور: "فانطلقا بقيَّة يومهما وليلتهما حتى إذا كان من الغد".

﴿قَالَ﴾ موسى ﴿لِفَتَاهُ آتِنَا غَدَاءَنَا﴾ ما نتغدَّى به.


(١) رواه البخاري (٣٤٠١)، ومسلم (٢٣٨٠)، من حديث أبي بن كعب .
(٢) انظر: "الصحاح" (١/ ١٤٦) (مادة: سرب).