للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

﴿مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا﴾: علمًا ذا رشد، وهو إصابة (١) الخير. وقرئ بفتحتين (٢)، وهما لغتان كالبُخْل والبَخَل.

وهو مفعول ﴿تُعَلِّمَنِ﴾، أو مصدر في موضع الحال، وذو الحال الضَّمير في ﴿أَتَّبِعُكَ﴾، ومفعول ﴿عُلِّمْتَ﴾ العائد المحذوف، وكلاهما منقولان من (عَلِم) الذي له مفعول واحد، ويجوز أن يكون علَّةً لـ ﴿أَتَّبِعُكَ﴾.

وكون موسى صاحبَ شريعة لا ينافي أن يتعلَّم من غيره ما لا حاجةَ إليه في شريعته.

* * *

(٦٧) - ﴿قَالَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا﴾.

﴿قَالَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا﴾ أراد نفي الصَّبر معه، إلَّا أنَّه بالغَ فيه حيث نفى استطاعته على أبلغِ وجهٍ وآكَدِه كأنَّه لا يصحُّ ولا يستقيم، دلَّ على ذلك قوله:

(٦٨) - ﴿وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَى مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْرًا﴾.

﴿وَكَيْفَ تَصْبِرُ﴾ والصَّبرُ: تجرُّع مرارة حبس النَّفس ومنعِها (٣) عمَّا تُنازعُ إليه.

﴿عَلَى مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْرًا﴾؛ أي: إنَّ صبرك على ما لا خبرة لك به مستَبْعَدٌ، وهذا كالتَّعليل للنَّفي السَّابق، ومجيئُه بالواو شائع.

وفيه تدارُكٌ لِمَا عسى أنْ يُتوهَّم أنَّه نَسب إليه عدمَ التثبُّت.


(١) في (م): "وإصابة".
(٢) وهي قراءة أبي عمرو. انظر: "التيسير" (ص: ١٤٤).
(٣) في النسخ: "ومنعه"، ولعل الصواب المثبت.