للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

قيل: فيه إبداء [عُذرٍ] له (١)، حيث لا يمكنه الصَّبر لِمَا يرى من المناكير؛ لأنَّ الأنبياء لا يجوز لهم السُّكوت عند ذلك.

وفيه: أن ثالثها ليس بمنكَرٍ شرعًا ولا عقلًا، وأيضًا قد عرفْتَ أنَّ المنفيَّ نفسُ الصَّبر معه، لا استطاعتُه.

و ﴿خُبْرًا﴾ تمييزٌ، أو مصدر على غير الصدر (٢)؛ لأنَّ ﴿لَمْ تُحِطْ﴾ بمعنى: لم تَخْبَره، والخبير بالأمور هو العالم بخفاياها وما يُختَبرُ منها.

* * *

(٦٩) - ﴿قَالَ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ صَابِرًا وَلَا أَعْصِي لَكَ أَمْرًا﴾.

﴿قَالَ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ صَابِرًا﴾ معكَ، غيرَ منكِرٍ عليك.

وتعليق الوعد بالمشيئة للاستثناء، ولا بُدَّ منه صونًا للوعد عن الخُلف؛ فإنَّه لا يجوز خصوصًا في حقِّ الأنبياء .

﴿وَلَا أَعْصِي لَكَ أَمْرًا﴾ عطف على ﴿صَابِرًا﴾؛ أي: صابرًا وغيرَ عاصٍ، كقوله تعالى: ﴿صَافَّاتٍ وَيَقْبِضْنَ﴾ [الملك: ١٩]؛ أي: وقابضاتٍ.

أو على ﴿سَتَجِدُنِي﴾، فلا محل لها من الإعراب.

وفيه: أنَّه حينئذ لا يكون مقيَّدًا بالمشيئة، ولا بُدَّ منه (٣) كيلا يلزمَ الخلف المذموم، حيث وعد أنْ لا يعصيَ له في أمرٍ، وقد أمره بترك السُّؤال، ولم يُطعه (٤) فيه.


(١) في النسخ: "فيه إبداله "، وما بين معكوفتين زيادة من "البحر المحيط " (١٤/ ٣٣٠).
(٢) في النسخ: "المصدر"، والصواب المثبت. انظر: "البحر" (١٤/ ٣٣١).
(٣) أي: ولا بد من التقييد بالمشيئة.
(٤) في (ف) و (م): "تعطه "، وقال في هامش (م): "لعله يطعه "، وفي (ك): "يعظه ".