للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

تكريرُه بالإضافة إلى أحدهما مرَّة، وإلى الآخر أخرى مع كفاية: بيننا؛ لمعنى التَّأكيد. قاله سيبويه (١).

وقال ابن عباس : كان قول موسى في السَّفينة والغلامِ لله تعالى، فلم يكن سبباً للفراق، وكان قوله في الجدار لنفسه في طلب شيءٍ من الدُّنيا فكان سببًا له (٢).

﴿سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ مَا لَمْ تَسْتَطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا﴾: سأخبرك بما في باطن ما لم تقدر أن تصبرَ عليه لكونه منكرًا، أو غير مناسِبٍ للحال بحسب الظَّاهر. والسِّين للتَّأكيد.

* * *

(٧٩) - ﴿أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَهَا وَكَانَ وَرَاءَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْبًا﴾.

﴿أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ﴾ لقومٍ ضعفاء لعارضتهم البدنيَّة كالزَّمانة والعمى والخرس، أو لعجزهم عن دفع الظلم، وهذا كما تقول لرجلٍ غنيٍّ وقع في وهلةٍ أو خَطْبٍ: مسكين؛ مرحمةً لحاله وشفقةً عليه، فلا دلالة فيه على أن المساكين تُطلق على مَن يملك مالًا إذا لم يكفه.

﴿يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ﴾ قد مرَّ ما يتعلَّق بتعيين البحر.

﴿فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَهَا﴾ أجعلَها ذاتَ عيب، تفريع على كون السَّفينة للمساكين.

وقوله: ﴿وَكَانَ وَرَاءَهُمْ﴾ كالتَّعليل للتَّفريع، ومجيئه بالواو كثير في القرآن؛ منها قوله


(١) انظر: "الكتاب" (٢/ ٤٠٢).
(٢) رواه الطبري في "تفسيره" (١٥/ ٣٢١).