للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

(٨٦) - ﴿حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ وَوَجَدَ عِنْدَهَا قَوْمًا قُلْنَا يَاذَا الْقَرْنَيْنِ إِمَّا أَنْ تُعَذِّبَ وَإِمَّا أَنْ تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْنًا﴾.

﴿حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ﴾؛ أي: كثيرةِ الحَمْأة، وهي الطِّينة السَّوداء، من حَمِئَتِ البئر حَمَأً بالتَّحريك: إذا كثرَتْ حمأتُها (١).

وقرئ: ﴿حامِيَةٍ﴾ (٢)؛ أي: حارَة.

وقيل: لا تَنافيَ بينهما؛ لجواز أن تكون العين جامعةً للوَصْفَين، أو تكون ﴿حَمِئَةٍ﴾ من الحمأة، فخفِّفَتِ الهمزة وقُلِبَتْ ياء لانكسار ما قبلها، ويأبى عن ذلك ما جرى بين ابن عباس ومعاوية .

وتفصيلُه على ما ذكره القرطبي: أنَّ ابن عباس قال: أقرأنيها أبيٌّ كما أقرأه رسول الله : ﴿فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ﴾، وقال معاوية : هي ﴿حامِيَةٍ﴾، فقال عبد الله بن عمرو بن العاص : وأنا مع أمير المؤمنين، فجعلوا كعبًا بينهم حكمًا، وقالوا: يا كعب، كيف تجدها في التَّوراة؟ فقال: أجدها: تغرب في عينٍ سوداء، فوافقَ ابنَ عبَّاس (٣).

فإنه على تقدير التَّوفيق بين القراءتَيْن على أحد الوجهَيْن المذكورَيْن لَمَا تمشَّى الخلاف المزبور، ففيه تجهيل لهؤلاء الأعلام.


(١) في القرطبي: (حَمَأْتُ البئرَ حَمْأً - بالتسكينِ -: إذا نَزَعْتَ حَمْاتها، وحَمِئتِ البئرُ حَمَأً - بالتحريك -: كَثُرَت حَمْأَتُها).
(٢) قرأ بها ابن عامر وأبو بكر وحمزة والكسائي. انظر: "التيسير" (ص: ١٤٥).
(٣) انظر: "تفسير القرطبي" (١٣/ ٣٦٩). والخبر رواه عبد الرزاق في "تفسيره" (٢/ ٤١١)، والطبري في "تفسيره" (١٥/ ٣٧٥)، والواحدي في "الوسيط" (٣/ ١٦٤ - ١٦٥).