للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وفيه نظرٌ، قال الجوهريُّ: وآتاه، أي: أتى به، ومنه قوله تعالى: ﴿آتِنَا غَدَاءَنَا﴾ [الكهف: ٦٢] أي: ائتنا به (١).

﴿الْمَخَاضُ﴾ وقُرئ بالكسر (٢)، وكلاهما مصدرُ مَخَضَت المرأةُ: إذا تحرَّك الولد في بطنها للخروج.

﴿إِلَى جِذْعِ النَّخْلَةِ﴾ كأنها طلبت شيئًا تستند إليه وتتعلق به كما تتعلَّق الحامل لشدَّة وجع الطَّلْق. والجِذْع: ساقُ النخلة اليابسة الذي لا سَعَفَ عليه ولا غصن (٣).

ولعلَّه تعالى ألهمها ذلك ليريَها من آياته ما يسكِّن روعها، ويُطعمَها الرُّطَب الذي هو طعام النُّفساء، والتعريف للجنس، ولا مساغ للعهد؛ لأن شرطه أن يكون معروفًا عند المخاطب، وهو مفقود هاهنا.

﴿قَالَتْ يَالَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا﴾ ليس تمنِّي الموت لِمَا عَرَضتْها من شدَّة وَجَع الطَّلْق (٤)، إذ لا حاجة حينئذٍ إلى قوله: ﴿وَكُنْتُ نَسْيًا مَنْسِيًّا﴾ بل لأنها خافت أن يقع بسببها قومُها في البهتان والنسبة إلى الزنى، وتمنِّي الموت من جهة الدِّين جائز.

وقرئ: ﴿نَسْيًا﴾ بالفتح (٥)، وهما لغتان كالوِتْر والوَتْر، وهو الشيء المتروك لا يُذكر كأنه منسيٌّ، وقيل: ما شأنه أن يُنسى ولا يُطلب، كالذِّبح لِمَا يُذبح.


(١) انظر: "الصحاح" (مادة: أتي).
(٢) انظر: "المختصر في شواذ القراءات" (ص: ٨٧)، ونسبها لابن كثير في رواية.
(٣) في هامش (س) و (ف) و (م): "قال القاضي: لا رأس لها ولا خضرة، صوابه: ولا غصن، لا احتمال للخضرة في النخلة اليابسة. منه ".
(٤) في هامش (س): "رد للكواشي".
(٥) قرأ الجمهور بالكسر، وقرأ حمزة وحفص بالفتح، انظر: "التيسير" (ص: ١٤٨)، و"النشر" (٢/ ٣١٨).