للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

﴿وَيَقُولُ الْإِنْسَانُ﴾ يعني: أُبَيَّ بنَ خَلَف، فإنه فتَّت (١) عظمًا وقال: أَنُبعَث بعد أن صرنا كذا؟! فنزل (٢).

ولا وجه لإرادة الجنس بأسره، إذ لا يَحسُن إسناد قولٍ أو فعلٍ صَدَرَ عن بعضٍ إلى الكلِّ إلَّا إذا صدر عنه بمظاهرتهم أو برضًى منهم، كما في قول الفرزدق:

فسيفُ بني عبسٍ وقد ضربوا … نَبَا بيدَيْ ورقاءَ عن رأسِ خالدِ (٣)

﴿أَإِذَا مَا مِتُّ لَسَوْفَ أُخْرَجُ حَيًّا﴾ من الأرض، وتقديم الظرف وإيلاؤه حرفَ الإنكار من قِبَل أنَّ ما بعد الموت هو وقت كون الحياة منكرة، ومنه جاء إنكارهم، وانتصابه بفعل دلَّ عليه ﴿أُخْرَجُ﴾ لا به؛ لأن ما بعدَ لام الابتداء لا يَعمل فيما قبلها، وهذه اللام إذا دخلت على المضارع تعطي معنى الحال، وتؤكِّد مضمون الجملة، فلمَّا جامعت حرفَ الاستقبال خلصت للتوكيد واضمحلَّ معنى الحال، و (ما) في ﴿أَإِذَا مَا﴾ للتوكيد أيضًا، فكأنه قال: أحقًّا أنَّا سنُخرَج من القبور أحياءً حين يتمكَّن فينا الموت والهلاك؟! على وجه الاستنكار والاستبعاد.

* * *

(٦٧) - ﴿أَوَلَا يَذْكُرُ الْإِنْسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ يَكُ شَيْئًا﴾.

﴿أَوَلَا يَذْكُرُ الْإِنْسَانُ﴾ هو عطف على محذوف، تقديره: أَيُنكِر قدرتنا على الإعادة


(١) في (س): "فت".
(٢) انظر: "أسباب النزول" للواحدي (ص: ٣٠١) عن الكلبي.
(٣) انظر: "ديوان الفرزدق" (١/ ١٥٧)، و"الكشاف" (٣/ ٣١)، والشاهد فيه اشار إليه الزمخشري بقوله: فقد أسند الضرب إلى بني عبس مع قوله: (نبا بيدي ورقاء) وهو ورقاء بن زهير بن جذيمة العبسي.