للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ولا يَذكُر، وإنما أظهر الفاعل إشعارًا بالمنشأ لعدم تذكُّره، فإن النسيان كاللازم للإنسان، قيل: أولُ الناس أول الناسي.

أو على (يقول)، وتوسيط الهمزة مع أن الأصل أن يتقدَّمها للإنكار (١)؛ أي: أيجمع (٢) بين هذين الأمرين الغريبين (٣)، وللإشعار بأن المنكر بالذات هو المعطوف، وأن المعطوف عليه إنما نشأ منه (٤)، فإنه لو تذكَّر وتأمَّل ﴿أَنَّا خَلَقْنَاهُ﴾ أراد خلق مادَّته، ولذلك قال: ﴿مِنْ قَبْلُ﴾؛ أي: خلقنا مادَّته قبل خَلْق صورته ﴿وَلَمْ يَكُ شَيْئًا﴾ بل كان عدمًا صِرْفًا = لم يقل ذلك، فإنه أعجب من جمع الموادِّ بعد التفريق وإيجاد مثل ما كان فيها من الأعراض.

وقرئ: ﴿يَذْكُرُ﴾ من الذِّكْر الذي يراد به التفكُّر (٥).


(١) انظر: "الكشاف" (٣/ ٣٢)، و"تفسير البيضاوي" (٤/ ١٥). ولفظ "الكشاف": (الواو عطفت (لا يَذْكُرُ) على (يَقُولُ) ووسِّطت همزة الإنكار بين المعطوف عليه وحرف العطف، يعني: أيقول ذاك ولا يتذكر حال النشأة الأولى حتى لا ينكر الأخرى فإن تلك أعجب وأغرب وأدل على قدرة الخالق). ولفظ البيضاوي: ﴿أَوَلَا يَذْكُرُ الْإِنْسَانُ﴾ عطف على (يَقُولُ)، وتوسيط همزة الإِنكار بينه وبين العاطف مع أن الأصل أن تتقدمهما للدلالة على أن المنكر بالذات هو المعطوف وأن المعطوف عليه إنما نشأ منه .. ).
(٢) في النسخ عدا (م): "الجمع"، وفي (م): "أنجمع"، والمثبت هو الأنسب بالسياق.
(٣) في النسخ عدا (ك): "القريبين"، والمثبت من (ك).
(٤) في هامش (س) و (ف) و (م): "إن الهمزة إذا توسَّطت بين المعطوفين؛ تكون لإنكار الجمع بينهما، إلا أنه قد يكون الإنكار للتنافي بينهما، وقد يكون لقوَّة القرابة عند اجتماعهما، وما نحن فيه من قبيل الثاني. منه".
(٥) قراءة نافع وابن عامر وعاصم، وقرأ الباقون: ﴿أَوَلَا يَذْكُرُ﴾. انظر: "التيسير" (ص: ١٤٩).