للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وهو للشرط يجعلُه بمعنى المستقبل، فكأنه فيه إشارةٌ إلى انقلاب حال المخاطَبين.

ولا محلَّ لقوله: ﴿وَلَنْ تَفْعَلُوا﴾؛ لأنَّه اعتراضٌ قبل تمام المَرام، وهو من محاسن الكلام، إثارةً لهمَمِهم؛ ليكون عجزُهم بعد ذلك أبلغَ، ومعناه: لستُم بفاعلين ذلك أبدًا؛ لأنَّ (لن) لتأكيد النفي في المستقبل، فيشاركُ (لا) في نفيه ويُبايِنُه في التأكيد والتَّشديد.

واختُلف في أصله فقيل: (لا أنْ)، وقيل: (لا) أُبدلت ألفُه نونًا، والظاهرُ أنه حرفٌ مقتضَبٌ برأسه، كما هو قولُ سيبويه وإحدى الروايتين عن الخليل (١).

قيل: فيه دليل على صحَّة نبوَّته حيث أَخبر عن الغيب على ما هو به.

وفيه: أنه من باب الكرامة، ولا اختصاصَ لها عند أهل الحقِّ بالأنبياء.

وأمَّا الاستدلالُ بعدم كونه شاكًّا في أمره فممَّا لا وجه له؛ لأن مَبْنَى دلالته على صحَّة دعواهُ على ثبوتِ عصمته عن الخطأ، وهو فرعُ ثبوتِ (٢) نبوَّته، فإثباتُه به مصادَرةٌ.

﴿فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ﴾ جوابُ الشرط، وكُنيَ به عن ترك العناد تقريرًا للمكنيِّ عنه، وتهويلًا لشأن العناد، وتصريحًا بالوعيد مع الإيجاز، وذلك (٣) أن مَن عانَدَ بعد وضوح الحقِّ له استَوْجَب العقاب بالنار، واتِّقاءُ النار من نتائج تركِ العناد.

و (النار): هي نار جهنم.


(١) انظر: "العين" (٨/ ٣٥٠)، و"الكتاب" (٣/ ٥).
(٢) كلمة: (ثبوت)، ليست في "م".
(٣) في "ف": (في ذلك) بدل: (وذلك).