للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الشَّهوات، فلذلكَ صارَتْ مذمومةُ في عامَّة القرآن، حتى قيل: إنَّ (١) العجلة من الشيطان (٢).

﴿عَنْ قَوْمِكَ يَامُوسَى﴾؛ أي: أيُّ شيءٍ عجَّلك (٣) عنهم.

وذلك أنَّ موسى قد مضى مع النُّقباء إلى الطُّور على الموعد المضروب، فلمَّا دنا منه تقدَّمهم شوقًا إلى مكالمة ربِّه وتنجيز موعده، بناءً على اجتهاده، وظنِّه أنَّه أقرب إلى رضاء الله تعالى، فالقوم الذين (٤) عجَّل عنهم هم النُّقباء، والمفتونون هم الذين خلَّفهم مع هارون .

وهو سؤالٌ عن سبب العَجَلة عن قومه على سبيل الإنكار؛ لأنها رذيلة في نفسها مقتضيةٌ لإهمال القوم، وإيهامِ التَّعظُّم عليهم، فلذلك أجاب عن الأمرَيْن، وقدَّم جواب الأمر الثَّاني الذي هو إغفال القوم بما فيه بسطُ العذر وتمهيدُ العلَّة؛ لأنَّه أهمُّ.

هذا ما قالوا، وعندي: أن تعدية (أعجل) بـ (عن) لتضمين معنى الانقطاع والانفصال، كأنَّه قيل: ما الحامل على انفصالك عن (٥) قومك مستعجلًا؟

فكان أصل السُّؤال في المعنى عن الانفصال عن قومه، وإن كان في اللَّفظ عن العجلة، فقدَّم جوابه اعتبارًا للمعنى، كما هو الأصل.

* * *

(٨٤) - ﴿قَالَ هُمْ أُولَاءِ عَلَى أَثَرِي وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى﴾.


(١) "إن" سقط من (س).
(٢) في (م): "حتى قيل العجلة من عمل الشيطان".
(٣) في (ف): "أعجلك".
(٤) في (ف) و (ك): "الذي".
(٥) في (م): "من".