للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

﴿قَالَ هُمْ أُولَاءِ عَلَى أَثَرِي﴾، أي: على خلفي، ما تقدَّمتُهم إلَّا بخطًى يسيرة لا يُعتدُّ بها عادةً. وقرئ بالكسر وبالضَّم (١)، والأُثْر بالضَّم بمعنى الأثر غريب، وبمعنى فِرِند السيف مرويٌّ، وجاز أن يكون مجازًا عنه (٢).

﴿وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى﴾ فإنَّ المسارعة إلى امتثال الأمر تستوجب الرِّضا، يعني: إنَّ العجلة وإن كانت مذمومةً، فالذي دعاني إليها - وهو طلب الرِّضا منك - محمودٌ.

* * *

(٨٥) - ﴿قَالَ فَإِنَّا قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ مِنْ بَعْدِكَ وَأَضَلَّهُمُ السَّامِرِيُّ﴾.

﴿قَالَ فَإِنَّا قَدْ فَتَنَّا﴾: ابتلينا ﴿قَوْمَكَ﴾؛ يعني: بعبادة العجل.

﴿مِنْ بَعْدِكَ﴾: من بعد خروجك من بينهم، ففي زيادته (٣) تعيينُ أنَّ المراد من هذا القومِ غيرُ المراد مِنَ الأوَّل، فالفاء (٤) لترتيب مدخوله على مدلول ما تقدَّم من بيان زيادة حرصه على المناجاة، وكمالِ شوقه للمكالمة مع ربِّه، وما يلزمها من الغفلة عن حال قومه، فكأنَّه قال: لا تتوغَّل فيما كنْتَ فيه، ولا تغفل عمَّا وراءك، فإنَّا قد فتنَّاهم.

﴿وَأَضَلَّهُمُ السَّامِرِيُّ﴾ بدعائه إيَّاهم (٥) إلى عبادة العجل بعد ذهاب موسى إلى الميقات، وقد مرَّ التَّفصيل في سورة الأعراف.

وهو منسوب إلى قبيلة من بني إسرائيل يقال لهم: السَّامرة، وقيل غيرُ ذلك.


(١) انظر القراءتين في "المختصر في شواذ القراءات" (ص: ٨٨).
(٢) في (م): "منه".
(٣) في (ف) و (م): "زيادة".
(٤) في (ف): "والفاء".
(٥) في (ف) و (ك): "بدعائهم".