للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ويجوز أن يكون المراد: جنَّات شتَّى مرتبة في مراتبَ بحسب طبقاتهم ودرجات أعمالهم وعلومهم وأخلاقهم.

﴿تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ﴾ الضمير للجنات، يعني: من تحت تلك الغرف، وفيه تنبيهٌ على أنها منازلُ عالية، وقد جاء في الآثار: أن الجنة درجاتٌ والنارَ دركاتٌ (١).

والنَّهَر - بالفتحتين، وبسكونِ الثاني (٢) -: المَجْرَى الواسع، والمراد: الأنهارُ المعهودة المذكورة في قوله تعالى: ﴿فِيهَا أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ﴾ [محمد: ١٥] فإنَّ الأصل في التعريف العهدُ، ولا يُعْدَل عنه إلا عند التعذُّر ولا تعذُّرَ هاهنا؛ إذ لا حاجةَ في ثبوت العهد إلى سبق نزول تلك الآية؛ فإن المخاطَب بتبليغ البشارة هو النبيُّ Object، فكفى عملُه بها بإعلامٍ من الله تعالى، وفي البيان بقوله: ﴿مِنْ مَاءٍ﴾ دلالةٌ قاطعة على أن المراد: ماءُ الأنهار، على التجوُّز فيها أو الإضمار.

﴿كُلَّمَا رُزِقُوا مِنْهَا مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقًا﴾ صفةٌ ثانية لـ ﴿جَنَّاتٍ﴾، أو خبرُ مبتدأ محذوف؛ أي: هي (٣)، أو جملة مستأنفة على تقدير سؤال يَختلج في ذهن السامع: أَثِمارُها من جنسِ ثمار جنات الدنيا أم أجناسٌ أُخَر؟ فقيل: من جنسها.

و ﴿مِنْ﴾ الأولى لابتداء الغاية، وكذا الثانيةُ، واقعتان موقع الحال، و ﴿رِزْقًا﴾


(١) انظر: "الكشاف" (٤/ ٣٠٤).
(٢) في هامش، "د" و"م": (من قال بالفتح والسكون فكأنه غافل عن قوله تعالى: ﴿خِلَالَهُمَا نَهَرًا﴾).
(٣) في هامش "د": (وهنا بحث، وهو أن الجملة المحذوفة المبتدأ إما أن تجعل صفة أو استئنافًا، فاعتبار الضمير لغو، وإما أم يكون كلاما مبتدأ غير صفة ولا استئناف، فليكن بدون اعتبار الحذف كذلك. سعد الدين).