للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

(٢٤) - أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ هَذَا ذِكْرُ مَنْ مَعِيَ وَذِكْرُ مَنْ قَبْلِي بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ الْحَقَّ فَهُمْ مُعْرِضُونَ﴾.

﴿أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ﴾؛ أي: من دون الله ﴿آلِهَةً﴾: كرَّره استعظاماً لكفرهم، واستفظاعاً لأمرهم، وتبكيتاً وإظهاراً لغاية جهلهم، وضمًّا لإنكار أن يكون لهم دليل من العقل إلى إنكار أن يكون لهم دليل من النَّقل، ولهذا رتَّب على الأوَّل دليلَ العقل، وعلى الثَّاني دليلَ النَّقل (١)؛ يعني: أوجدوا آلهة يُنشرون الموتى فاتَّخذوهم آلهة لِمَا وجدوا فيهم من خواصِّ الألوهية، أم وجدوا في الكتب الإلهيَّة المنزَّلة الأمرَ بإشراكهم (٢) فامتثلوا الأمر؟!

﴿قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ﴾ من العقل والنَّقل؛ فإنَّه لا يصحُّ القولُ بما لا دليل عليه، كيف وقد تطابقت الحُجَج على بطلانه عقلاً ونقلاً؟

﴿هَذَا ذِكْرُ﴾؛ أي: هذا الوحي الوارد على الأنبياء كلِّهم (٣) عِظَةُ ﴿مَنْ مَعِيَ﴾ يعني: أمَّته ﴿وَذِكْرُ مَنْ قَبْلِي﴾ يعني: أممَ الأنبياء الماضين ، فانظروا هل تجدون فيها إلَّا الأمرَ بالتَّوحيد، والنَّهيَ عن الشِّرك؟

وقرئ: (ذكرٌ مَن معي وذكرٌ مَنْ قبلي) بالتَّنوين (٤)، على أنَّ (مَن) منصوب المحلَّ مفعولٌ للذِّكْرِ، وهو الأصل، والإضافة عارضة.


(١) في هامش (ف): "وبالجملة: الإعادة لزيادة الإفادة، فإنَّ الأوَّل للإنكار من حيث العقل، والثاني من حيث النقل. منه".
(٢) في (ف) و (ك): "باشتراكهم".
(٣) في (م): "كله".
(٤) انظر: "الكشاف" (٣/ ١١١)، و"البحر المحيط" (١٥/ ٢٠١).