للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقرئ: (مِن معي ومِن قبلي) (١) على (مِن) الجارَّة، وإدخالُها على (مع) غريب، والوجه أنَّه ظرفٌ نحو: قبلُ وبعدُ وعندَ (٢) ولَدُنْ وما أشبه ذلك، فدخلت عليه (مِن) كما دخلت على أخواته.

﴿بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ الْحَقَّ فَهُمْ مُعْرِضُونَ﴾ بل عندهم (٣) ما هو أصل الشَّرِّ والفساد وأسُّ الغيِّ والضَّلال، وهو الجهل وعدم التَّمييز بين الحقِّ والباطل، فلذلك كانت عادتهم الإعراض عن الحقِّ من التَّوحيد واتِّباعَ الباطل.

وقرئ: (الحقُّ) بالرَّفع (٤)، على أنَّه خبرُ مبتدأ محذوف، وهي جملةٌ مؤكِّدة وسّطت بينَ السَّبب والمسبَّب؛ أي: كون الجهل المحض سبباً للإعراض هو الحقُّ، وقُدِّمَتْ على المسبَّب لشدَّة الاهتمام والاعتناء بأنَّ سبب الإعراض ليس إلَّا الجهل، ويجوز حمل المنصوب على هذا المعنى، كقولك: هذا عبدُ الله الحقَّ لا الباطلَ، و ﴿لَا يَعْلَمُونَ﴾ فعلٌ منسيُّ المفعول، جارٍ مجرى اللَّازم؛ لسلب (٥) مطلق العلم عنهم رأساً، وهذا الوجه أفصح وأعرب.

* * *


(١) أي: بـ (مِن) الجارة مع تنوين (ذكر) كالتي قبلها، نسبت ليحيى بن يعمر. انظر: "المختصر في شواذ القراءات" (ص: ٩١)، و"المحتسب" (٢/ ٦١)، و"الكشاف" (٣/ ١١١)، و"البحر المحيط" (١٥/ ٢٠١).
(٢) "قبل" ضبطت في نسخة نفيسة من "الكشاف" بالضم فوق اللام والتنوين تحتها، وكذا "بعد" بالضم والتنوين، و"عند" بالفتح والتنوين، إشارة إلى جواز الوجهين في كل منها.
(٣) "بل عندهم" من (س).
(٤) نسبت لابن محيصن. انظر: "المختصر في شواذ القراءات" (ص: ٩١).
(٥) في (ف) و (ك): "لسبب"، وهو تحريف.