للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

و ﴿مُطَهَّرَةٌ﴾ بالتوحيد، و (مُطهَّراتٌ) بالجمع (١)، لغتان فصيحتان في وصف ﴿أَزْوَاجٌ﴾ لكونه جمعَ التكسير وإن كان جمعَ المؤنث الحقيقيِّ، بخلافِ ما لو قال: زوجاتٌ، لسلامة الواحد فيه فلم يجز إلا: مطهراتٌ، كأنه قال: جماعةُ (٢) أزواج مُطهَّرةٌ.

وبناؤه للمفعول أفخمُ؛ إذ فُهِم أنَّ لها مطهِّرًا، وليس إلا اللهُ تعالى، فتكون (٣) طهارتُهن أعظمَ من كلِّ طهارة.

فإن قيل: هذا معارَض بأن فيه إشعارًا بسابقةِ التلوُّث (٤) بما يُستقذَر، والكمالُ في كون الطهارة خَلْقيَّةً، بخلافِ بناء الفاعل فإن المتبادِر منه بمعونةِ المقام أن تكون طهارتُهن خَلْقيَّةً.

قلنا: نعم، هو (٥) كذلك، إلا أن الأول أرجحُ لكونه أدخَلَ في البلاغة؛ لِمَا فيه من تعظيم المؤمنين، وهو المناسبُ للمقام، ورعايةِ جانبِ مَن سيقَ له الكلامُ، وتطهيرُهنَّ من الأوصاف القبيحةِ في الخَلْق والخُلق.

لمَّا كانت مَجامعُ اللَّذةِ في المسكن الهنيِّ، والمشرَب الرَّوِيِّ، والمَطعَم الشهيِّ، والمنكَحِ الرَّضيِّ (٦)، ذكَرها تعالى فيما يبشَّر به المؤمنُ، وبدأ بالمسكنِ


(١) هي قراءة تنسب لزيد بن علي. انظر: "الكشاف" (١/ ١١٠).
(٢) في "ك": (جمع).
(٣) في "ح" و"ف" و"م": (لتكون).
(٤) في "ح" و "ف": (التعويث)، و في "ك": (التغويث)، و في "م": (التلويث).
(٥) كلمة: (هو) من "م".
(٦) في "د": (العرضي)، وفي "ح" و"ف" و"ك": (الوحي)، والمثبت من "م".