للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

للرَّغبة فينا والرَّهبة منَّا، وهو بإشارته إلى أنَّهم يعلمون أنَّ النَّفع والضُّرَّ مِن الله تعالى تمهيدٌ لِمَا دلَّ عليه قوله:

﴿وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ﴾ من ثباتهم واستمرارهم، على تخضيص الخشوع له تعالى، وقد سبقَ تفسير الخشوع، والمعنى: أنَّهم ما استحقُّوا الإجابة إلى طلباتهم، وما نالوا من الله تعالى ما نالوا، إلَّا بهذه الخِصَال.

* * *

(٩١) - ﴿وَالَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهَا مِنْ رُوحِنَا وَجَعَلْنَاهَا وَابْنَهَا آيَةً لِلْعَالَمِينَ﴾.

﴿وَالَّتِي﴾ واذكر التي؛ يعني: مريم، وإنَّما ذكرها بطريق الكناية لأنَّ تنويه الشَّأن بالأسماء حقُّ الرِّجال.

﴿أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا﴾ الإحصانُ: إحرازُ الشَّيء عن الفساد، والفاء التفريعية في قوله:

﴿فَنَفَخْنَا﴾ قد دلَّت على أنَّ المراد: حفظُها من الحرام فقط؛ لأنَّ النكّاح مستحبٌّ، بل سُنَّة قديمة، فلا يصلح الاحتراز عنه منشأً للفضيلة.

﴿فِيهَا﴾ أي: فعلنا النَّفخ في مريم.

﴿مِنْ رُوحِنَا﴾: من جهته، والمراد من الرُّوح: جبريلُ ، فإنه نفخ في جيب درعها، فوصل النَّفخ إلى جوفها، وإضافتُه إليه تعالى للتَّشريف.

﴿وَجَعَلْنَاهَا وَابْنَهَا﴾؛ أي: حالها وهي ولادتها إيَّاه من غير فحلٍ (١)، ولذلك وحَّدَ قوله:


(١) في (ف) و (ك) و (م): "محل"، والمثبت من (س) و"الكشاف" (٣/ ١٣٣).