للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

(٨٩) - ﴿وَزَكَرِيَّا إِذْ نَادَى رَبَّهُ رَبِّ لَا تَذَرْنِي فَرْدًا وَأَنْتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ﴾.

﴿وَزَكَرِيَّا إِذْ نَادَى رَبَّهُ رَبِّ لَا تَذَرْنِي فَرْدًا﴾: وحيداً؛ أي: ارزقني ولداً يرثني.

﴿وَأَنْتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ﴾ استسلام وتفويض بعد السُّؤال؛ لأنَّه اقتراح وجرأة على الله تعالى؛ أي: الأمرُ إليك، فإنْ لم ترزقني فلا بأسَ، وأنتَ خيرُ الوارثين.

* * *

(٩٠) - ﴿فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَى وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ﴾.

﴿فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَى وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ﴾ أي: حسَّنَّا خُلُقَها، وكانت سيِّئة الخُلُقِ.

وقيل: جعلناها صالحة للولادة بعد عُقرها.

وفيه: أنَّ حقَّ النَّظم والتَّرتيب أن يذكر ﴿وَأَصْلَحْنَا﴾ قبل ﴿وَوَهَبْنَا﴾.

﴿إِنَّهُمْ﴾؛ أي: الأنبياءَ المذكورين ﴿كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ﴾ المسارعةُ: المبادرة، وتعديتُها بـ (إلى)، وإنَّما عدلَ عنها إلى ﴿فِي﴾ للدِّلالة على أنَّهم لا يغترُّون (١) بتحصيل بعض الخيرات، بل يُظهرون الجِدَّ والرَّغبة إلى تحصيل بعضٍ آخر منها، وهذه الدلالة تجعل الخيرات ما فيه المسارعة، لا ما إليه.

﴿وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا﴾؛ أي: طمعاً وخوفاً، كقوله تعالى: ﴿يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّه﴾ [الزمر: ٩]، وهما مصدران في موضع الحال، أو المفعولِ له؛ أي:


(١) تحتمل في بعض النسخ أو كلها: "يفترون"، والمثبت أوفق بحرف الجر المتعلق به.