للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

﴿مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ﴾ الميثاقُ ما وثِّق به العهد من القبول الإلزام والحَلِف وأمثاله، مِفْعَالٌ من الوَثاقة، والأصل في مفعالٍ أن يكون صفةً كمعطارٍ، أو آلةً كمِحْراث.

وقال ابن عطيةَ: اسمٌ بمعنى المصدر (١)، ولا نعلم مفعالًا جاء مصدرًا ولا عَدُّوه في أبنيته.

والضمير عائدٌ على العهد إنْ عُني به ما وثِّق به العهد، وعلى الله أو عليه إن عُنيَ به معنى (٢) المصدر.

﴿وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ﴾ يحتمل كلَّ قطيعة، لكن الظاهر أنه توصيفٌ للفاسقين بأنهم يضيعون حقَّ خَلْقِ الله تعالى بعد توصيفهم بأنهم يضيِّعون حقَّه تعالى، وتضييعُ حقِّه (٣) تعالى بنقضِ عهده، وتضييعُ حقِّ خَلْقه بقطيعةِ أرحامهم.

والأمرُ: طلب الفعل ممن هو دونك، وبه سمِّي الأمر الذي هو واحدُ (٤) الأمور تسميةً للمفعول به بالمصدر، كأنَّ الداعيَ الذي يدعو إليه ويبعث عليه آمرٌ يأمر به، فهو مأمور به، كما سمي شأنًا، والشأن: الطلب والقصد، يقال: شَأَنْتُ شَأْنه؛ أي: قَصَدْتُ قَصْدَه.

و (أنْ يوصل) مخفوضُ المحلِّ بدلٌ من الضمير في (به) للاشتمال، أو على تقدير اللام.

﴿وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ﴾ بقطع الزرع والنسل، وهَيْجِ الحروب والفتن، وإحداثِ الهَرْج والمَرْج، ولذلك قصر في قوله:


(١) انظر: "المحرر الوجيز" (١/ ١١٣).
(٢) قوله: (معنى)، وقع في "ك" بدلًا منه: (غير)، وسقط من "ف" و"م".
(٣) في "ف": (حقوقه).
(٤) في "ف": (أحد).