للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

لقوَّة (١) يقينه، ووثوقه بحفظه وكلاءته، ولإعلاء كلمته، وإعزاز دينه، ففيه دليل على المقتضي للجهاد في قوله:

﴿وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ﴾: ضِيقٍ بتكليفِ ما يشتدُّ القيام به عليكم، على أنَّه لا مانع لهم عنه (٢)، ولا عذر لهم في تركه، وضمَّنه الإشارة إلى الرُّخصة في إغفال بعض ما أمرهم به حيث شقَّ عليهم لقوله : "إذا أمرتُكُمْ بشيءٍ فأتوا به ما استطعْتُم" (٣).

وقيل: ذلك بأنْ جعل لهم من كل ذنبٍ مخرجًا، بأن رخَّص لهم في المضايق، وفتح عليهم بابَ التَّوبةِ، وشرعَ لهم الكفَّارات في حقوقه، والأروشَ والدِّيَات في حقوق العباد، فلا ذنْبَ إلَّا وقد جعل لكم منه مخرجًا.

وَيرِدُ عليه: أنَّ الحرج لا ينتفي بوجود (٤) المحرج في الجملة، لِمَا عرفْتَ أنَّه عبارة عن الضِّيق، لا عن عدم المخلَصِ.

﴿مِلَّةَ أَبِيكُمْ﴾ نصبٌ على الاختصاص؛ أي: أعني بالدِّين ملَّة أبيكم، أو على الإغراء؛ أي: الْزَموا ملَّة أبيكم، أو بمضمون ما تقدَّم على المصدر؛ أي: وسَّع دينكم توسعةَ ملَّةِ أبيكم، فحذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامَه.

﴿إِبْرَاهِيمَ﴾ عطف بيان.

وإنَّما جعله أبًا لأنَّ كلَّ نبيٍّ أبو أمَّته من حيث الحقيقة، وهو كان أبا محمَّدٍ ، وأبُ الأبِ أبٌ، أو لأنَّ أكثرَ العرب كانوا من ذرَّيته، فغلِّبوا على غيرهم.


(١) في (ف): "لسدَّ".
(٢) "عنه": ليست في (م).
(٣) رواه مسلم (١٣٣٧) عن أبي هريرة .
(٤) في (م): "بوجوه".