للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

﴿إِذًا﴾ جوابٌ لمحاجَّتهم، وجزاءُ الشَّرط محذوف لدلالة ما قبله عليه؛ أي: لو كان معه آلهة كما يقولون إذًا (١).

﴿لَذَهَبَ﴾: لانفرد ﴿كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ﴾: بخَلْقه الذي خلَقَه، واستبَدَّ به، ولرأيتم امتيازَ مُلكِ كلِّ واحدٍ عن مُلك الآخرين، ووقع بينهم التَّحاربُ والتَّغالبُ.

﴿وَلَعَلَا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ﴾: ولغلَبَ بعضُهم بعضًا كما هو حالُ ملوكِ الدُّنيا، ممالكُهم متمايزة، وهم متغالبون، وحين لم تروا أثرًا لتمايز الممالك والتَّغالُب فاعلموا أنَّه إلهٌ واحدٌ بيده ملكوتُ كلِّ شيءٍ.

وأمَّا ما قيل: فلَمْ يكن بيده [وحده] ملكوت كلِّ شيءٍ، ولم يكن واحدٌ منهم إلهًا مطلقًا، واللَّازم باطل بالإجماع والاستقراءِ وقيامِ البرهان على استناد جميع الممكنات إلى واجبٍ واحدٍ (٢).

فيَرِدُ عليه: أنَّ الإجماع والاستقراء لا يناسب المقام، وأمَّا البرهان فإنَّما قام على وجوب انتهاء سلسلة الموجودات إلى واجبٍ بالذَّات، ولا يلزم منه أنْ لا يتعدَّد الواجب، ولا يكون في الوجود سلاسل ينتهي بعضها إلى واجبٍ وبعضها إلى واجب آخر.


(١) انظر: "تفسير البيضاوي" (٤/ ٩٤)، وفيه: (أي: لو كان معه آلهة كما تقولون لذهب كل منهم بما خلقه)، لم يذكر في التقدير (إذا)، وكذا في "تفسير أبي السعود" (٦/ ١٤٨)، و"روح المعاني" (١٨/ ١٣٣)، ونقلوا هذا التقدير عن الفراء، وانظر: "معاني القرآن" للفراء (١/ ٢٧٤)، ولم يذكر في التقدير (إذا) أيضًا.
(٢) انظر: "تفسير البيضاوي" (٤/ ٩٤)، وما بين معكوفتين منه. وهذا القول جاء عنده بعد عبارة: (كما هو حال ملوك الدنيا)، ومثله في "تفسير أبي السعود" (٦/ ١٤٨).