للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

البلاغ بمعنى التبليغ، كالأداء بمعنى التأدية، و ﴿الْمُبِينُ﴾: الظاهر؛ لكونه مقرونًا بالآيات والمعجزات، ثم ذكر المُخلصين، فقال:

(٥٥) - ﴿وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ﴾.

﴿وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ﴾ الخطاب للنبيِّ والأمَّة، أو له ولمن معه، و (مِن) للبيان.

﴿لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ﴾: ليجعلنَّهم خَلَفًا متصرِّفين في الأرض تصرُّف الملوك في ممالكهم، وهو جواب قَسَمٍ مُضمَر، تقديره: وَعَدهم اللهُ وأقسم ليستخلفنهم (١)، أو الوعدُ في تحقُّقه منزَّلٌ منزلةَ القَسَم.

﴿كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ﴾ يعني: بني إسرائيل في مصر والشام بعد الجبابرة.

﴿وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ﴾ وهو الإسلام بالتقوية والتثبيت.

﴿وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ﴾ من الأعداء ﴿أَمْنًا﴾ منهم، لغَلَبتهم عليهم، كان رسولُ الله وأصحابُه مَكَثوا بمكَّة عَشْرَ سنينَ خائفينَ، ثم هاجروا إلى المدينة، فكانوا يُصبحون في السلاح ويُمسون فيه، حتى أنجز اللهُ تعالى وعدَه، فأَظهرهم اللهُ على العرب كلِّهم وفتح عليهم بلادَ الشرق والغرب (٢).


(١) في (ف) و (ك): "وعدهم وأقسم".
(٢) رواه الطبري في "التفسير" (١٧/ ٣٤٨) عن أبي العالية، وانظر: "تفسير القرطبي" (١٥/ ٣٢١).