ويجوز أن يُراد بالفطرة دينُ ملَّةِ الإسلام، فيكون معنى: ﴿لَا تَبْدِيلَ﴾: لا ينبغي أْن يُبدَّل، وإنَّما وحِّد الخطابُ أولًا ثم جُمعَ؛ لأنَّ خطابَ الرسول خطابٌ لأمَّته، فأُفرد تعظيمًا للاهتمام، ثم جُمعَ لأنَّ الخطابَ للبيان، وأنَّ الدِّين له بالأصالة ولهم بالتبعيَّة.
﴿ذَلِكَ﴾ إشارةٌ إلى الدِّين المأمورِ بإقامة الوجهِ له ﴿الدِّينُ الْقَيِّمُ﴾ المستوي الذي لا عِوَجَ فيه ﴿وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ﴾ استقامتَه؛ لعدم تدبُّرهم.
﴿مُنِيبِينَ إِلَيْهِ﴾؛ أي: راجعينَ إلى الله بآمالكم، مُقبِلين عليه بأعمالكم، مِن أناب: إذا رجع مرَّة بعد أخرى، والمرادُ مِن التكرار المبالغةُ في الرجوع إلى الرضا والانقطاع عن الهوى، أو تضمين التنبيه على قَبول التوبة كرَّةً بعد أُولى.
وقيل: الإنابةُ: الانقطاعُ إلى الله بالطاعة، وأصله على هذا القطعُ، ومنه: النائب؛ لأنَّه قاطعٌ.