للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وإنَّما عَّبر عن دينِه بالمفارقة لِمَا عرفتَ أنَّهم جُبِلوا على قَبوله، فنزِّل قَبولُه منزلةَ فعلِه مبالغةً في قوَّة قبولِهم إيَّاه.

وقرئ: ﴿فَرَّقُوا دِينَهُمْ﴾ (١)؛ أي: جعلوه أديانًا مختلفة؛ لاختلاف أهوائهم.

﴿وَكَانُوا شِيَعًا﴾: يُشايع كلُّ فرقة إمامَها الذي أضلَّها، والشِّيَعُ: الفِرَقُ التي يَجتمع كلُّ فريقٍ منها على مذهبٍ خلافَ مذهبِ الفريق الآخَرِ.

﴿كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ﴾: مسرورونَ يَحسبونَ أنَّه الحقُّ، والجملة في محلِّ النصب صفةُ ﴿شِيَعًا﴾، أو: ﴿كُلُّ حِزْبٍ﴾ مبتدأ، خبرُه ﴿مِنَ الَّذِينَ فَارَّقُوا﴾ منقطعًا عمَّا قبله، و ﴿فَرِحُونَ﴾ صفة ﴿كُلُّ﴾.

(٣٣) - ﴿وَإِذَا مَسَّ النَّاسَ ضُرٌّ دَعَوْا رَبَّهُمْ مُنِيبِينَ إِلَيْهِ ثُمَّ إِذَا أَذَاقَهُمْ مِنْهُ رَحْمَةً إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ﴾.

﴿وَإِذَا مَسَّ النَّاسَ ضُرٌّ﴾: شدَّةٌ ﴿دَعَوْا رَبَّهُمْ مُنِيبِينَ إِلَيْهِ﴾ راجعينَ إليه مِن دعاء غيره.

﴿ثُمَّ إِذَا أَذَاقَهُمْ مِنْهُ﴾: مِن ذلك الضُّرِّ ﴿رَحْمَةً﴾: خلاصًا.

﴿إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ﴾ فاجَأَ فريقٌ منهم بالإشراك بربِّهم الذي عافاهم.

وفي عبارة ﴿ثُمَّ﴾ ولفظ ﴿أَذَاقَهُمْ﴾ إشارةٌ إلى أنَّهم مع امتدادِ شدَّتهم وتأثُّرهم منها في الغاية يشركون كما يظهر طليعة الخلاص منها.


(١) قرأ حمزة والكسائي: ﴿فَارَّقُوا﴾، وقرأ الباقون: ﴿فَرَّقُوا﴾. انظر: "التيسير" (ص: ١٠٨).