للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

نذرَ رجالٌ مِن الصَّحابة أنَّهم إذا لَقُوا حربًا مع رسولِ الله ثَبتوا وقاتلوا حتى يُستَشهَدوا، وهم عثمانُ بنُ عفَّانَ، وطلحة، وسعدُ بنُ زيدٍ، وحمزةُ، ومصعبٌ، وغيرُهم (١).

ويجوز أنْ يُجعَلَ المعاهَدَ عليه مَصدوقًا على المجازِ، كأنَّهم قالوا له: سنفي بك، فإذا وفَوا به فقد صَدَقوه، مِن قولِكَ: صَدَقني أخوك: إذا قالَ لكَ الصِّدقَ.

﴿فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ﴾: نَذْرَهُ (٢) بأنْ قاتلَ حتَّى استُشْهِد كحمزةَ ومصعبٍ وأنسٍ .

قيل: والنَّحْبُ استعارةٌ للموتِ؛ فإنَّ الموتَ لازمٌ لكلِّ حيوان، فكأنَّه نَذْرٌ لازمٌ في رقبتِهِ، فإذا ماتَ قضى نحبَه.

كأنَّ هذا القائلَ غافلٌ عن النَّذرِ المذكور في سببِ النُّزولِ؛ لأنَّ مُوجَبه أنْ يكونَ النَّحْبُ على حقيقتِه، وقضاء نذرِهم (٣) يجوز أنْ يكونَ كنايةً عن شهادتِهم.

﴿وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ﴾ كعثمانَ وطلحةَ .

﴿وَمَا بَدَّلُوا﴾ العهدَ، ولا غَيَّروه، لا المستشهَدُ ولا مَنِ انتظرَ الشَّهادة.


= المقال" للبكري (ص: ٤١). وقوله: (سنّ) يجوز فيه الرفع والنصب، فالنصب على المعنى الذي ذكره المصنف، والرفع بجعل الصدق للسنِّ توسعًا. وأصل المثل يدلُّ عليه. انظر: "القاموس" (مادة: بكر).
(١) انظر: "الكشاف" (٣/ ٥٣٢). وقد ثبت في السنة أنها نزلت في أنس بن النضر، وقد نذر كما نذر الصحابة المذكورون، رواه البخاري (٢٨٠٥)، ومسلم (١٩٠٣)، من حديث أنس .
(٢) "نذره" زيادة من (م) و (ي) و (ع).
(٣) في (ف): "وقضائه".