للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

التَّناسُبَ أثرُ الرَّحمة لأنَّه مَدارُ نظامِ العالمِ، والجملةُ صِفةٌ ثَانيةٌ للسبعِ (١).

﴿فَارْجِعِ الْبَصَرَ﴾ مُتعلِّق بما قبلهُ على معنى التَّسبُّبِ (٢)؛ أي: إن أردتَ أنْ تَتحقَّقَ ما أخبرتُكَ به (٣) فارجع البصرَ ﴿هَلْ تَرَى مِنْ فُطُورٍ﴾: صُدوعٍ وشُقوقٍ، جمعُ فَطرٍ وهُو الشَّقُّ، والمُرادُ: الخَللُ.

* * *

(٤) - ﴿ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ يَنْقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خَاسِئًا وَهُوَ حَسِيرٌ﴾.

﴿ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ﴾ معنى التَّراخي في ﴿ثُمَّ﴾: هو أنْ يَتوقَّفَ بَعدَ كلالِ البصرِ بكثرة المُراجعةِ، حتَّى يُجِمَّ (٤) بَصرهُ، ثُمَّ يُعادَ ويُعادَ فلا يَنقلِبَ إلَيهِ إلَّا بالبُعدِ عنِ المَطلُوبِ، والكَلال، ولا يَعثرُ (٥) عَلى شَيءٍ مِن التَّفاوُتِ والفُطورِ.

والمُرادُ بالتَّثنيةِ في ﴿كَرَّتَيْنِ﴾: التَّكريرُ والتَّكثيرُ؛ كما في قولهم: لبَّيكَ وسَعدَيكَ (٦)؛ ولذَلكَ أجَابَ الأمرَ بقَولهِ:


(١) واستظهر أبو حيان أنها استئنافُ أنه لا يدرك في خلقه تعالى تفاوت. انظر: "البحر" (٢٠/ ٤١٢).
(٢) في "ع": "السبب"، وفي (ف) و (ي): "التسبيب"، لكن صحح في هامش (ي) إلى المثبت.
وجاء في هامش "ب": "قولهُ: عَلى مَعنى التَّسبُّبِ، يعنِي أنَّ الإخبارَ بعدَمِ التَّفاوتِ في خَلقهنَّ كانَ سَببًا للأمرِ بالرُّجوعِ بناءً عَلى اعتَراءِ شُبهةٍ فيهِ، ثمَّ إنهُ يَحتملُ أنْ يَكونَ الكلامُ عَلى جَوابِ شَرطٍ مَحذوفٍ، تَقديرُهُ: إنْ كُنتَ في رَيبٍ مِن ذَلكَ فارْجعْ فَتأمَّلْ، وهَذا غيرُ التَّسببِ، ومَن قالَ: إنَّه مَتعلِّقٌ بما قبلَهُ عَلى التَّسببِ ثُمَّ قالَ: أي: إنْ أرَدتَ أن تَتحقَّقَ ما أخبرتُكَ بهِ فارجِعِ البَصرَ، فقدْ غَلطَ حَيثُ خلَّطَ فتدَّبرْ. لمَولانا سِنان جَلَبي". وانظر: الكشاف (٤/ ٥٧٦).
(٣) في "ع": "عنه".
(٤) جَمّ الفرسُ وأجَمَّ، إذا استراح وذهب إعياؤه. المخصص لابن سيده (٤/ ٣٤٢).
(٥) في "ع": "يثبت".
(٦) قوله (لَبَّيْك وسَعْدَيْك)؛ أي: إِجابة بعد إجابةٍ، كأنّه قال: كلَّما أَجبتُك في أمرٍ فأنا في الأمر الآخَر =