للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

أي: بمَصابيحَ لَيستْ مِن جِنسِ مَصابِيحكُمْ (١).

﴿وَجَعَلْنَاهَا رُجُومًا﴾: جمعُ رَجمٍ بالفتحِ، وهو مصدرٌ سمِّيَ به ما يُرجَمُ.

﴿لِلشَّيَاطِينِ﴾؛ أي: ضَمَمْنا إلى التَّزيين فائِدةً أُخرى جليلةً هي رجمُ الشَّياطين التي تَسترِقُ السَّمعَ بالشُّهبِ المُنقضَّةِ، وقد عيَّنَ هذا المعنى قولُه تعالى: ﴿وَحِفْظًا مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ مَارِدٍ﴾ [الصافات: ٧]، والقُرآنُ يفسِّرُ بَعضهُ بَعضًا سيَّما (٢) في حُكمٍ واحِدٍ، فلا وَجهَ (٣) لِمَا قِيلَ: مَعناهُ: وجَعلناها ظُنونًا لشَياطِينِ الإنسِ، وهُم المُنجِّمونَ (٤).

وفيهِ دِلالةٌ عَلى أنَّ الكَواكبَ الَّتِي استُعيرَ (٥) لها المَصابِيحُ في السَّماءِ الدُّنيا؛ لأنَّ انقضاضَ الشُّهب لا يُتصوَّرُ مِن سائر السَّماوات، وقد مرَّ في تفسيرِ سورة الأنبياء أنَّ تحتَ السَّماء فَلكًا هو موجٌ مكفوفٌ فيه الكواكبُ كلُّها.

وعن كعب: أنَّ السَّماءَ الدُّنيا مَوجٌ مَكفوفٌ (٦).


(١) انظر: "الكشاف" (٤/ ٥٧٧).
(٢) قوله: (سيما) له أحكام في العربية، قال أبو حيان في "الارتشاف" (٣/ ١٥٥٢): (وحَذفُ "لا" من "لا سِيَّما" إنما يوجد في كلام الأدباء الْمُوَلَّدِينَ، لا في كلام مَنْ يُحْتَجُّ بكلامه).
وقال ابن هشام في "المغني" (ص: ١٨٦): (وتشديد يائه ودخول الواو على (لا) واجب)، وينظر تمام الكلام في هذه المسألة في "همع الهوامع" (٢/ ٢٨٥)، و"تاج العروس" (مادة: سوو).
(٣) في (ب) و (ع) و (م): "حاجة" وكتب تحتها في (ب) و (ع): "وجه".
(٤) نقله الزمخشري مقدما له بـ (قيل)، وتابعه البيضاوي، واحتمله أبو حيان، ودلّل عليه السمين من شعر زهير. انظر: "الكشاف" (٤/ ٥٧٧)، و"تفسير البيضاوي" (٥/ ٢٢٩)، والبحر المحيط (٢٠/ ٤١٦٤) و"الدر المصون" (١٤/ ٣٤).
(٥) في (ع) و (ك): "استعيرت".
(٦) رواه الثعلبي في "تفسيره" (٩/ ٣٥٧). وروى الإمام أحمد في "المسند" (١٧٧٠) من طريق الحكم بن عبد الملك - وهو ضعيف - عن أبي هريرة حديثا جاء فيه: "أتدرون ما =