للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

﴿ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ﴾ [القصص: ٢٤] وإذا وُصل بـ (عن) يكون بمعنى الإعراض وهو المراد هاهنا؛ أي: إن أعرضوا عن الإيمان بما آمنتم به، أو عمَّا تقولون لهم.

﴿فَإِنَّمَا هُمْ فِي شِقَاقٍ﴾؛ أي: فما هم إلا في شقاقٍ عظيمٍ، وهو المناوأةُ والمخالَفة لأهل الحق، فإنَّ كلَّ أحدٍ من المتخالِفَينِ في شقٍّ غيرِ شقِّ الآخَر.

﴿فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ﴾ تسليةٌ وتسكينٌ للمؤمنين، ووعدٌ لهم بالحفظ والنصر، والسِّينُ إشارةٌ إلى كون الوعد محقَّقَ الوقوع قريبَه (١).

﴿وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ﴾ حُذف المفعول للتعميم، أو تُرك تنزيلًا للمتعدِّي منزلةَ اللازم لإيهام المبالغة، وعدٌ للمؤمنين ووعيدٌ للكفار.

* * *

(١٣٨) - ﴿صِبْغَةَ اللَّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً وَنَحْنُ لَهُ عَابِدُونَ﴾.

﴿صِبْغَةَ اللَّهِ﴾ انتصب انتصابَ المصدر المؤكِّد لمضمون الجملة من قوله: ﴿قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ﴾، أي: صَبَغَنا الله تعالى بالإيمان الفطريِّ صبغتَه، وهي فطرةُ الله التي فَطر الناسَ عليها، فإنها حِلْيةُ الإنسان كما أن الصبغةَ حِليةُ المصبوغ، أو: هدانا الله تعالى هدايتَه وأرشدَنا حُجَّتَه، أو: طهَّر قلوبَنا بالإيمان تطهيرَه، وسماه صبغةً؛ لأنَّه ظهر أثرُه عليهم ظهورَ الصبغ على المصبوغ، وتداخَلَ في قلوبهم تداخُلَه الثوب.

وقيل: إنه كلامٌ واردٌ على طريقِ المشاكَلة (٢)، وذلك أنه كان للنصارى صبغٌ


(١) في (د): "قويه"، وفي (ح) و (ف) و (م): "قرينه".
(٢) والمشاكلة واقعة بين فعل الفارس وقول القائل أعرس فإن المراد بقوله أعرس عرس الكريم، فلولا فعل الفارس لم يحسن منه كما يعرس فلان، كما أن قوله ﴿صِبْغَةَ اللَّهِ﴾ مشاكلة بفعل النصارى وإن لم يوجد منهم قول، وقال الزجاج: يجوز أن يكون صبغة الله بمعنى خلق الله الخلق أي الله تعالى ابتدأ الخلق الإسلام لقوله: ﴿فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا﴾ فإنها حلية الإنسان كما أن الصبغة حلية المصبوغ. طيبي.