للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

المذكور بالعلم المسنَد إلى ذاته لأنهم خواصُّه وأهل الزلفى عنده تعظيمًا لهم، وبهذا اندفع ما قيل: كيف يكون علمه تعالى غاية الجعل وهو لم يزل عالمًا؟

وأما التأويلُ بأنه باعتبار التعلُّق الحالي الذي هو مناطُ الجزاء، والمعنى: ليَتعلَّق به علمنا موجودًا، فليس بشيء؛ لأن علمه تعالى به موجودًا في وقتِ وجوده لم يزل أيضًا، فإنه تعالى كان عالمًا في الأزل بهم وبكلِّ حالٍ من أحوالهم التي تقع في زمانٍ من أزمنةِ وجودهم مقارِنةٍ للزمان الذي تقع فيه تلك الحالة (١).

﴿مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ﴾ مِن المتردِّد الذي يرتدُّ بأدنى سببٍ لقلقه (٢)، تصويرٌ لسوء حالهم في الارتدادِ بأقبحِ الوجوه، فإن الانقلاب على العَقِب أسوأُ أحوال الراجع في مشيه، وتثنيةُ العقب تقويةٌ لمساءته.

والعَقِبُ على ما قاله الأصمعيُّ: ما أصاب الأرض من مؤخَّر الرِّجل إلى موضع الشِّراك، الذي ذكر من جنس الحِكَم والغايات التي تترتَّب عليها المصالح لا من قبيل الأغراض.

وقرئ: (إلا ليُعلم) على البناء للمفعول (٣).

ومعنى العلم: المعرفةُ، ويجوز أن تكون ﴿مَنْ﴾ متضمِّنةً لمعنى الاستفهام معلَّقًا عنها العلمُ؛ كقولك: علمتُ أزيدٌ في الدار أم عمرو.


(١) في هامش "ح" و"د" و"ف" و"م": (أي: كان أن علمه المطلق لم يزل كذلك علمه المقيد لم يزل فتأمل. منه).
(٢) قوله: (لقلقه) تحرف في "ح" و"ف" و"ك" و"م" إلى: (لقلة)، والتصويب من "الكشاف" (١/ ٢٠٠)، و"تفسير البيضاوي" (١/ ١١١)، وفي "د" تحتمله.
(٣) تنسب للزهري. انظر: "المختصر في شواذ القراءات" (ص: ١٠).