للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

﴿وَإِنْ كَانَتْ لَكَبِيرَةً﴾ شاقَّةً؛ لأنَّ مَن أَلِفَ شيئًا ثم فارَقه شَقَّ عليه، (إنْ) هي المخفَّفة من الثقيلة (١)، واللامُ هي الفاصلة.

وقيل: (إنْ) هي النافيةُ، واللام بمعنى: إلا، والضميرُ لِمَا دلَّ عليه قولُه: ﴿وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ﴾ أي: الجَعلةُ أو التحويلةُ أو الرَّدَّة، ويجوز أن يكون لـ ﴿الْقِبْلَةَ﴾.

وقرئ: (لكبيرةٌ) بالرفع (٢)، فتكون (كان) زائدةً كما في قوله:

وجيرانٍ لنا كانوا كرامٍ (٣)

﴿إِلَّا عَلَى الَّذِينَ﴾ استثناءٌ من محذوفٍ؛ أي: لكبيرةً على الناس إلا على الذين.

﴿هَدَى اللَّهُ﴾ إلى حكمةِ الأحكام، الثابتين على الإسلام والاتِّباع.

﴿وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ﴾: ثباتَكم على الإيمان في الاتِّباع، بل شَكَر صنيعَكم وأَعدَّ لكم الأجرَ العظيم، وقيدُ الاستمرار المستفادِ من لفظِ ﴿كَانَ﴾ مقدَّمٌ في الاعتبار على النفي.

أو: صلاتَكم إلى بيت المقدس؛ أي: إيمانَكم بسبب الصلاة إليه، فإنها قبل التحويل ما صحَّت إلا باستقباله، قال ابن عباس : لمَّا وجِّه رسول الله الكعبة قالوا: كيف بمن مات يا رسول الله قبل التحويل من إخواننا؟ فنزلت (٤).


(١) في "م": (المثقلة).
(٢) تنسب لليزيدي. انظر: "المختصر في شواذ القراءات" (ص: ١٠).
(٣) عجز بيت للفرزدق، وهو في ديوانه (٢/ ٢٩٠)، وصدره: (فكيف إذا رأيت ديار قوم). وجاء في هامش "م": (أوله: فكيف إذا مررت بدار قوم).
(٤) رواه الإمام أحمد في "المسند" (٢٦٩١)، وأبو داود (٤٦٨٠)، والترمذي (٢٩٦٤). وبنحوه في "البخاري" (٤٤٨٦) من حديث البراء .