فلا منافاة، ﴿وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ يعترفونَ بها بإنطاق الله تعالى، على ما نطَق به قوله تعالى: ﴿قَالُوا أَنْطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ﴾ [فصلت: ٢١] بغير اختيارهم على ما دلَّ عليه قولهم: ﴿لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنَا﴾ [فصلت: ٢١] وفي ذلك مزيد تهويلِ العذاب.
فانظر إلى هذا الجمع العجيب والدمج الغريب، والذي لا تجده عند غير هذا العلامة.
ومن ذلك قوله: ﴿فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ﴾ بالأكل من ثمرتها، دلَّ هذا على أن المراد من الأكل في قوله تعالى: ﴿فَأَكَلَا مِنْهَا﴾ [طه: ١٢١] بدايتُه، كما دلَّ هو على أن المراد من الذوق هنا نهايتُه، فالقرآن يفسِّر بعضه بعضًا).
ومن أمثلة عنايته بتفسير القرآن بالقرآن قوله: ﴿إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ﴾: إلا عبد أُرسلت بشيرًا ونذيرًا ﴿لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ﴾ [الأنعام: ٩٩] متعلّق بالبشير، ومتعلَّق النذير محذوف للتعميم؛ لقوله تعالى: ﴿أَنْ أَنْذِرِ النَّاسَ وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا﴾ [يونس: ٢]).