للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

﴿فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ﴾: ميلٌ عن الصواب وتعرُّفِ الحقِّ. تفريعٌ على ما فُهمَ مما تقدمَ من أن في المتشابهاتِ مجالَ الصرفِ عن الحق، كما أن فيهِ مجالَ الردِّ إليه، وإما لتفصيلِ حالِ الفريقين السالكَين مسلكَي الصرفِ عنه والصرف إليه، وإنما اقتصر على ذكرِ الأول منهما لظهورِ حالِ الثاني.

﴿فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ﴾: فيتعلقون بالمتشابه المحتَمِلِ لمَا يطابقُ أهواءَهم (١)، ولا يلتفتون إلى المحكَماتِ، وكان حقَّهم أن يتَّبعوها.

﴿ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ﴾: طلبَ أن يَفتنوا الناسَ، ويُضلُّوهم عن الحقِّ.

﴿وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ﴾ بما يطابقُ عقيدتَهُم. قدَّمَ الأولَ لأنَّه الغرضُ، وهذا وسيلةٌ إليه.

﴿وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ﴾ الذي يجبُ أن يُحمَلَ عليهِ (٢).

﴿إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ﴾: والذين رسخوا؛ أي: ثبتوا وتحقَّقُوا ﴿فِي الْعِلْمِ﴾ وتمكَّنوا منه.

ومَن وقفَ على ﴿إِلَّا اللَّهُ﴾ فسَّرَ المتشابه بما استأثر (٣) الله تعالى بعلمه، وبمعرفةِ الحكم فيه من آياته، ولم يُطْلعْ عليه أحدًا.

لا يقال: لو لم يكن للراسخين حظٌّ من علم المتشابه إلا أن يقولوا: ﴿آمَنَّا بِهِ (٤) كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا﴾ لم يكن لهم فضلٌ على الجهَّالِ؛ لأنهم أيضًا يقولون ذلك.


(١) في (ف): "بالمتشابه المطابق لما يحتمل أهواءهم".
(٢) في هامش (د) و (ف) و (م): "من قال: أي: لا يهتدي إلى تأويله، فقد ضل؛ لأن الاهتداء لا يجوز إسناده إليه تعالى. منه ". وفيه رد بل تشنيع على الزمخشري القائل للعبارة المذكورة.
(٣) في (ح) و (د) و (م): "استأثره ".
(٤) في النسخ: "آمنا بالله "، والمثبت هو الموافق للآية.