لأنَّا نقول: ليس الكلام في إثبات الفضيلة لهم، بل في بيانِ اختصاصِ علم المتشابهات بالله تعالى.
فالمعنى؛ أن الراسخين مع ما فيهم من المزيَّة والفضل يقفون عند التصديق الإجمالي، ولا يتجاوزون عنه إلى حد التفصيل بالتفسير أو التأويل، فكيف مَن دونَهم (١)؟.
﴿يَقُولُونَ آمَنَّا﴾: كلامٌ مستأنَفٌ موضِّحٌ لحال الراسخين، أو حالٌ منهم، وخبرٌ إن جُعلَ ﴿وَالرَّاسِخُونَ﴾: مبتدأً.
﴿بِهِ﴾: بالمتشابهِ، أو بالكتابِ.
﴿كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا﴾، أي: كلٌّ من المحكم والمتشابه منزَّلٌ من اللوح المحفوظِ عندَهُ تعالى.
﴿وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ﴾: مسرودٌ على سبيلِ المدحِ للراسخِين المحقِّقين في العلم، وإيماءٌ إلى أنهم جرَّدُوا عقولهم من قشر الأوهام والخيالات، وشَوبِ الأهواء والعادات، فهُمْ أهل اللبِّ الخالصِ، لا يحومُ غيرُهم حول التذكُّرِ والتفكُّرِ.
﴿رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا﴾ مِن مقال الراسخينَ، وما بينَهُما اعتراضٌ، ويحتَمِلُ الاستئنافَ على إضمارِ: قولوا، والمعنى: لا تُمِلْ قلوبَنا عن نهج الحق إلى اتِّباعِ المتشابهِ بتأويلٍ باطلٍ.
(١) في هامش (د) و (ف) و (م): "وبهذا التفصيل اندفع ما قيل: لا فائدة حينئذ في قيد الرسوخ بل هذا حكم العالمين كلهم. منه".