للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

لا يُغني من القدر، ومع هذا لا بد للعاقل من الحذر عن مظانِّ الضرر، ولذلك أُمرنا به في قوله تعالى: ﴿خُذُوا حِذْرَكُمْ﴾ [النساء: ٧١] ونُهينا عن خلافه في قوله تعالى: ﴿وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ﴾ [البقرة: ١٩٥].

وقال عند تفسير قوله تعالى: ﴿تَوَفَّنِي مُسْلِمًا﴾: قيل: لما رأى أمره إلى الكمال، علم أنه على الزوال، فسأل سعادة الانتقال، وليس فيه سؤالُ التوفِّي للحال، بل سؤالُ الختم على الإسلام متى كان، فتوفاه الله طيبًا طاهرًا.

ومن ذلك ما نقله عن القشيري في شرح قوله تعالى: ﴿ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ﴾ [الكهف: ٢٦] قال: مَن تبرَّأ عن اختياره في احتياله، وصَدَق رجوعه إلى الله تعالى في أحواله، ولم يستعن بغير الله مِن أشكاله؛ آواه إلى كهف أفضاله، وكفاه جميع أشغاله، وهيَّأ له محلًّا يتفيَّا فيه من برد ظلاله بكمال إقباله (١).

وقال في قوله تعالى: ﴿يُرِيدُونَ وَجْهَهُ﴾: لا دنياهم بكرائمها، ولا عُقباهم بعظائمها … لمَّا قصَّر لهم لسان المعارَضة سكتوا متضرِّعين بقلوبهم بين يدي الله تعالى، داعين له بحسن الابتهال، فتولَّى خصومَتهم فقال: ﴿وَلَا تَطْرُدِ الَّذِينَ﴾ إلخ: لا تنظر يا محمَّد إلى خِرقتهم على ظواهرهم، وانظر إلى حُرقتهم في سرائرهم، كانوا مستورين فشهَرهم الله تعالى (٢).

ومنه أيضًا في تفسير قوله تعالى: ﴿وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ يَجْهَلُونَ﴾ [الأنعام: ١١١]


(١) انظر: "لطائف الإشارات" (٢/ ٣٨٢).
(٢) المصدر السابق (١/ ٤٧٥).

<<  <  ج:
ص:  >  >>